المئات تعرّضوا لعمليات ‘بتر’.. هذا ما فعلته الحرب بـ’أطفال غ\زّة’!
أكثر من شهرين مرّا على عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غ.زة، راح ضحيتها أكثر من 18 ألف شه\يد، بينهم آلاف الأطفال والنساء، حيث تقدّر نسبة هذه الشرائح بنحو 75% من عدد الش\هداء.
ويُشكل الأطفال قرابة نصف سُكان قطاع غزة الذي يبلغ نحو 2.3 مليون نسمة، في منطقة جغرافية صغيرة لا تتجاوز 360 كيلومتراً مربعاً، وهذا ما يُفسر الأعداد المُرتفعة للضحايا الأطفال في كل عملية قصف، فيما سجل القطاع 700 ألف طفل نازح حتى منتصف الشهر الماضي.
وخلال الحرب الجارية في قطاع غزة حدثت تغييرات قاسية في الحياة المستقبلية للعديد من الأطفال، سواء بفقدان بعض أحبائهم أو فقدان بعض أطراف أجسامهم، فمن بين 50100 جريح قرابة 70% منهم نساء وأطفال.
ووصف مراقبون الإصابات التي طالت أطفال غزة بأنها “مروعة”، فضلاً عن تضييق الحصار على توفّر الدواء اللازم لعلاج المصابين، أو توفّر مسكنات الآلام والأدوية المخدرة المستخدمة في العمليات الجراحية.
وقال الطبيب البريطاني الفلسطيني غسان أبو ستة، في 27 تشرين الثاني الماضي، خلال مؤتمر صحفي لصحيفة “تليغراف”، إن حوالى 900 طفل في قطاع غزة قد خضعوا لعمليات بتر لأطرافهم منذ بداية الحرب.
وأوضح البروفيسور أبو ستة، أنه قام بتنفيذ هذا الإجراء على 6 أطفال في ليلة واحدة بمفرده، كما أنه يقوم بعمليات جراحية لخمسة أطفال أو ستة كل يوم.
بدوره، أشار الدكتور أحمد المنظري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية إلى أن عدداً كبيراً من الأطفال في غزة تعرضوا لحروق وبتر أطراف، وتجرى لهم عمليات جراحية في ظروف صعبة، كما أن نحو 7 آلاف طفل يعانون الهزال.
تداعيات الحرب على الأطفال
من المعروف أن الحرب لا تميز بين امرأة أو رجل، ولا بين كبير في السن أو صغير، وقلبت حياة الغزيين رأساً على عقب، ويبقى الأطفال الحلقة الأضعف في كل الصراعات.
وحذرت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، في تقرير سابق، من مخاطر جسيمة يواجهها الأطفال في غزة، داعية حكومة الاحتلال الإسرائيلي إلى أن “ترفع فوراً الحصار عن قطاع غزة، والذي يعرّض الأطفال وغيرهم من المدنيين الفلسطينيين لأخطار جسيمة”.
ويقول المدير المشارك في قسم حقوق الطفل في “هيومن رايتس ووتش”، بيل فان إسفلد إن “قصف قطاع غزة وحصاره التام غير القانوني من قبل إسرائيل سيؤديان إلى موت أعداد لا حصر لها من الأطفال الجرحى والمرضى، ومدنيين كثر غيرهم، بسبب حاجتهم إلى العناية الطبية”.
ونالت الحرب من أطفال غ\زة في القطاع بشكل كبير، وعرضتهم لمخاطر إنسانية وصحية تضع مستقبلهم في المجهول.
وكشفت الأرقام الكبيرة لعدد شهداء أطفال غ\زة عن طبيعة الإجرام الإسرائيلي تجاههم، وهو ما انعكس بقوة على صحتهم النفسية.
وعن هذه المخاطر قالت ثريا عمار، نقيبة رياض الأطفال في غزة لـ”سكاي نيوز”: “لا يحظى الطفل هنا بأدنى مقومات الحياة وأدنى حقوقه، فهو يفتقد إلى جميع احتياجاته الأساسية من ماء وغذاء ورعاية صحية، خاصة أمام تفشي الفيروسات في المكان”.
وذكرت المختصة النفسية، الدكتورة تحرير صافي، التي تحدثت لـ”الخليج أونلاين” في وقت سابق، أن من تأثيرات الحرب على الأطفال “المعاناة العقلية والجسدية وإصابتها بالقصور، مثل تأخر النمو العقلي والبدني، والعجز عن بناء أي تصور صحي لمختلف جوانب الحياة، وخلق كثير من الاضطرابات النفسية والعقلية؛ من اكتئاب وفوبيا ونوبات الهلع والتبول اللاإرادي والكوابيس الليلية”.
ويواجه أطفال قطاع غزة، البالغ عددهم نحو مليون طفل، مستقبلاً مجهولاً، حيث فقدوا معظم مقومات الحياة، فهم يعيشون ظروفاً أقل ما توصف به أنها “مأسوية”، ويعانون نقص الأمان والغذاء والدواء وغيرها.
وأسفر العدوان الإسرائيلي الأخير عن آلاف الأيتام الذين فقدوا أحد والديْهم أو كليهما، وينتظر هؤلاء الأطفال مصيراً صعباً، بالنظر إلى ضعف إمكانات دور الأيتام في القطاع.
وفي ما يتعلق بالوضع النفسي للأطفال في غزة، نقلت وكالة “رويترز”، في تشرين الأول الماضي، تقريراً لمنظمة “إنقاذ الطفولة” يشير إلى أن الرفاهية النفسية والاجتماعية للأطفال في المنطقة قد وصلت إلى “مستويات منخفضة بشكل مثير للقلق”.
وصرّحت مديرة منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، في 22 تشرين الثاني الماضي، بأن قطاع غزة أصبح “المكان الأكثر خطورة في العالم بالنسبة للأطفال”.
أوضاع قاسية
ويؤكد الصحفي الفلسطيني يوسف أبو وطفة، أن أكثر من 70% من الش\هداء والمصابين هم من شريحة الأطفال والنساء، فهم المستهدفون في هذه الحرب، لافتاً إلى أن أطفال غزة يتعرضون لإصابات قاسية.
ويضيف لـ”الخليج أونلاين” أن من أمثلة هذه الإصابات، طفل يرقد في المستشفى الأوروبي جنوب القطاع غ\زة، تعرض لإصابة برصاصتين من قبل جنود الاحتلال، وتسببت الرصاصات في هتك اللحم لدرجة أكد فيها الأطباء صعوبة علاج هذه الحالة، وأنه يحتاج إلى علاج في الخارج، وحتى اللحظة يصارع الموت.
وأشار أبو وطفة إلى أن كل ما يجري في القطاع تجاه الأطفال صعب للغاية، وقال: “هناك قلة في الإمكانيات المتعلقة بالعلاج، في ظل تصاعد الإصابات القاسية، فضلاً عن الأزمة النفسية الحقيقية التي تنعكس على الأطفال”.
ويردف: “هناك عدد كبير من الأطفال فقدوا آباءهم وأمهاتهم وأصبحوا أيتاماً، فنحن أمام انعكاسات قاسية جداً على الطفولة في غزة ومستقبلها، وارتداداتها ستكون على المدى البعيد كبيرة للغاية، وقد يصعب التعامل معها، لذا العالم مطالب بوقف هذه الحرب من أجل الأطفال، على أقل تقدير”.
ويرى أبو وطفة أن مستقبل أطفال غزة يبدو صعباً وقاسياً بسبب تأثيرات الحرب الجسدية و النفسية، “حيث كان الأطفال قبل اندلاع الحرب على مقاعد الدراسة، بينما اليوم فقدوا التعليم، كما أنهم يصطفون في طوابير طويلة للحصول على المياه والخبز، فضلاً عن عدد كبير منهم لا يجدون أماكن للمبيت”.
ولفت إلى أن أكثر من 60% من منازل القطاع تدمرت بقصف الاحتلال، فضلاً عن تضرر أكثر من 240 مدرسة، “ومن ثم فمستقبل الطفولة في غزة قاس، وفق ما يجري على أرض الواقع من اعتداءات وتدمير، وكل ذلك يؤثر على الطفولة في القطاع”. (الخليج أونلاين)
المصدر : لبنان 24