ماذا كشف مدير عام “الجديد” عن توقيف “شي ان ان”؟
بعد أكثر من ست سنوات من النجاح والتميّز، وصل البرنامج الساخر إلى حائط مسدود مع المحطة اللبنانية إثر إطلالة سلام الزعتري الأخيرة عبر mtv، فهل يعود إلى الشاشة بعد رمضان؟
منذ اللحظة الأولى لولادته في عام 2009 على قناة “الجديد”، حجز “شي. أن. أن” مكانته في حياة اللبنانيين، قبل أن يتربّع على عرش البرامج الساخرة. رغم المشاكل ــ المادية تحديداً ــ تمكّنChi.N.N من تصدّر المشهد، ولا سيّما في ظل نُدرة البرامج التي تقارب بخفة وسخرية ذكية كل “التشوّهات” التي يعانيها المجتمع اللبناني، وانقساماته الطائفية والمذهبية والعنصرية. لم يكتف العمل بتظهير هذه الآفات أمام الكاميرا، بل قدّم أيضاً رسالة توعوية حول أحدث التطوّرات مثل قوانين الإنتخاب، والاعتداءات الإرهابية، والإنتخابات البلدية، والتحرّكات المطلبية، والفشل في انتخاب رئيس للجمهورية، والزواج المدني… يقف وراء هذا المجهود فريق عمل شبابي علماني، واعٍ، وخارج من رحم المجتمع، يحرص دائماً على الوقوف خارج الاصطفافات السياسية، وانتقاد جميع الأطراف بسخرية لاذعة.
ما عزّز عمل هؤلاء هو سقف الحرية العالي الذي منحتهم إياه “الجديد”، ما كرّس علاقة مميّزة بينهم وبين المحطة، مكّنتهم من الإستمرار على الرغم من الصعوبات المالية وضعف الإمكانات.
لكن يبدو أنّ ظهور مُعدّ ومقدّم البرنامج سلام الزعتري يوم الخميس الماضي في برنامج “منّا وجرّ” على mtv عكّر الأجواء. رغم إعلان الزعتري في تشرين الأوّل الماضي أنّ الموسم الحالي من “شي. أن. أن” سيكون الأخير على “الجديد”، توقف العمل قبل الموعد المحدّد (بداية شهر رمضان). أعلن سلام أخيراً عبر مواقع التواصل الإجتماعي أنّ القناة قرّرت وقف “شي. أن. أن” إثر مشاركته في “منّا وجرّ”، شارحاً: “أتفهّم رد فعل “الجديد” وحقّهم في اتخاذ قرار مماثل. أعتذر إذا كنت قد أسأت لهم في حديثي. لقد أسيء فهم بعض ممّا قلته. لم أقصد الأذى. شكراً على حرية التعبير خلال السنوات الست الماضية، وشكراً للفريق الرائع على الصداقة التي تجمعنا. شكراً للمعجبين الأوفياء الذين يفهمون ما ندافع عنه. ربّما كُسر هذا الحلم، لكننا سنشرق مجدداً كالشمس”.
وحالما نشر سلام هذا البوست على فايسبوك، غرقت السوشال ميديا بالتعليقات المنتقدة لـ “الجديد” على خطوتها. بعضهم رأى أن ما حصل “خطأ فادح”، فيما سأل آخرون: “كيف لكم الإستغناء عن “شي. أن. أن” وإبقاء “بلا تشفير” الذي يقدّمه تمّام بليق؟”، كما وضع آخرون ما حصل في خانة “الصراع المشتعل خلال الفترة الماضية بين “الجديد” والـ “mtv”.
وفيما أشار إلى أنّ البرنامج وشخصيّاته ملك لـ “الجديد”، عدّد المدير العام للمحطة ديمتري خضر في إتصال مع “الأخبار” مآخذ أساسية على إطلالة سلام الزعتري في “مِنّا وجِرّ” (الخميس ــ 21:30)، أوّلها أنّه وافق على الظهور من دون العودة إلى الإدارة، إضافة إلى “اختلاقه بعض المسائل التي تحدّث عنها”، على رأسها ما يتعلّق بالإعلامي المصري الساخر باسم يوسف، ومالكي “الجديد” (بيت الخيّاط). خلال الحلقة، تناول الزعتري الفكرة الأساسية التي قامت على أساسها Chi.N.N في 2009 مؤكداً أنّ الهدف كان خلق منصة شبابية ساخرة وناقدة تؤثّر في الشباب على أمل أن يحدثوا فرقاً في الإنتخابات النيابية. وحين سأله مقدّم “مِنّا وجِرّ” بيار ربّاط “كان هدفك أم هدف المحطّة؟”، أجاب: “متل إجرن المحطة”.
وعن النوع الذي ينتمي إليه “شي. أن. أن” وما يقدّمه على الشاشة، قال سلام: “يمكن مدير المحطة (ديمتري خضر) كان بيحضر هيك برامج… بس حتى بيت الخياط ما كانوا عم يفهموا… إنّو شو هيد اللي طالع؟”. ثالثة النقاط التي أثارت حفيظة القيّمين على “الجديد” تمثّلت في حديث سلام عن باسم يوسف. عند الإجابة عن سؤال “ليش ما بتحاورو ببرنامجك؟”، ردّ بالقول: “ليه بدّو يطلع عـ “الجديد”، أنا عم بحميه يعني. كذا مرّة صحتلي الفرصة بس ما أخدت الخطوة”.
مَن يعرف “شي. أن. أن” جيّداً يعلم أنّه لطالما اعتمد أسلوب نقد الذات بطريقة ساخرة ولاذعة، فهل ينطبق هذا على ما قاله سلام في “منّا وجرّ” أم أنّه فعلاً قصد تصويب نيرانه على “الجديد” عبر mtv؟ بعد الإجتماع الذي جمعه بعد ظهر أمس بديمتري خضر ونائبة رئيس مجلس إدارة “الجديد” كرمى خيّاط في مبنى المحطة (وطى المصيطبة ــ بيروت)، شدد الزعتري لـ “الأخبار” على أنّه لم يقصد الإساءة لأحد: “كان يجب أن أُخبر المحطة بأنّني أريد الظهور عبر mtv. أسأت التعبير عن نفسي. ارتكبت خطأ واعتذرت. لم أقدّر أن الأمر سيصل إلى هذا الحد”، موضحاً أنّ “المسألة لا تتعلّق بخنق حرية التعبير أو الرقابة كما صوّر بعضهم على المنصات الافتراضية”، لافتاً إلى أنّ الإجتماع كان أشبه بجلسة “تصفية قلوب. Chi.N.N سيظلّ متوقفاً. أُعلمتُ بأنّ “الجديد” تريد استئناف عرضه بعد رمضان لكنّ العودة لم تُحسم بعد”. وأضاف أنّه يتفاوض منذ فترة وجيزة مع mtv و”المؤسسة اللبنانية للإرسال” لعرض برنامج ساخر مشابه لـ “شي. أن. أن” لكن بشكل مختلف، مع الفريق نفسه. في هذا السياق، أقرّ الزعتري بأنّه يدرك أنّ الانتقال إلى شاشة أخرى قد يعني التخلّي عن سقف الحرية الذي يحظى به على “الجديد”: “لنرَ كيف ستجري الأمور”. وفيما قال خضر إنّ الاجتماع كان “طبيعياً”، أكد بدوره تمسّك “الجديد” بـ Chi.N.N.
ويبدو أنّه سيجري استبدال الـ “شي. أن. أن” حالياً ببرنامج متعلّق بالإنتخابات البلدية المقبلة.
إذاً، القرار بات نهائياً ولن يعود “شي. أن. أن” إلى الشاشة قريباً، في انتظار أن ينجلي المشهد ونعرف إذا ما كان البرنامج الذي صار ملكاً للجمهور، سيبصر النور مجدداً على الشاشة نفسها أم سينتقل إلى شاشة أخرى بثوب مختلف!