ساسة «اسرائيل» في تموز 2006.. الرضوخ للعسكر وأميركا
علي شهاب – الميادين نت
“لقد كان واضحاً لي أن هذه العملية لن تنتهي..وأنه ليس هناك لا نقطة حسم ولا نقطة نصر”. هكذا اختصرت وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني رؤيتها لحرب تموز 2006 امام لجنة فينوغراد.
بعد أن صادق جميع الوزراء على العملية العسكرية ليل الثاني عشر من تموز، طلب اولمرت من وزرائه الموافقة على تشكيل لجنة مصغرة تضم سبعة وزراء يشكلّون هيئة سياسية خاصة لدراسة احتياجات المعركة، وكانت لفني من بين الذين تم اختيارهم لهذه اللجنة السباعية.
كان من المفترض ان تنتهي العملية العسكرية بعد أربع ساعات كما أبلغ حالوتس ليفني، لكنْ بعد مرور الوقت المحدد ومع استمرار الغارات الجوية على الاراضي اللبنانية من دون نتيجة، اتصلت ليفني بأولمرت قلقة، وسألته: “أليس من المفترض أن تنتهي العملية؟ يمكن أن نتورط اكثر من الآن وصاعدًا، لذا ينبغي القيام بإجراء سياسي من شأنه انهاء الموضوع”.
لكن جواب اولمرت اذهلها، حين قال إنه “لا يزال لدى الجيش اهداف يحتاج الى اسبوع لتنفيذها”.
في تلك اللحظة، أدركت ليفني ان القرارات المتعلقة باحتياجات الجيش الإسرائيلي للمعركة يتم ادارتها في مكان آخر، فقررت مواصلة عملها لبلورة مخرج سياسي يسمح لـ”اسرائيل” بالخروج من هذه المعركة بانتصار سياسي حاسم. فلم تنجرّ إلى الاجواء الاحتفالية التي كان حالوتس يعكسها عند حديثه عن النتائج الباهرة لعملية الوزن النوعي.
بدأت ليفني منذ اليوم الثاني للحرب حركة اتصالات مكثفة بنظرائها في العواصم الغربية. والتقت كلا من ديفيد وولش واليوت ابرامز اللذين كانا في زيارة لـ”إسرائيل”، وطرحت عليهما قراراً يتم التصويت عليه في مجلس الامن ينص على ضرورة انتشار الجيش اللبناني على طول الحدود الشمالية وتجنيد قوة دولية جنوب الليطاني.
مساعي ليفني لانهاء المواجهة مع حزب الله وقناعتها بأن ما تريده “إسرائيل” من المعركة يتحقق بالجهد السياسي، وخوفها من تدهور الوضع ووصوله إلى نقطة يصعب معها السيطرة عليه، دفعها في الرابع عشر من تموز للتصويت ضد تجديد الحملة الجوية على الضاحية التي استهدفت مربع الشورى ومنزل السيد حسن نصر الله، رغم ان ذلك يظهرها امام الجمهور الإسرائيلي كشخصية منهزمة لا تساند جيش “اسرائيل” وهو في حالة مواجهة مع “اعدائه.”
ادركت ليفني بعد مضي اسبوع على الحرب بأن هناك رغبة اميركية واضحة لإدارة بوش باستمرار القتال، وهي تعطي الجيش الوقت لاستمرار المواجهة، عندها وجدت نفسها مضطرة للانكفاء بمعارضتها، وعلى الرغم من استمرارها بطرح اسئلة مهمة وعلامات استفهام حول ما كان يطلبه الجيش من مصادقات على قرارات حربية، كانت تصوت لصالح ما يريده الجيش كي لا تكون الوحيدة التي ستدفع ثمناً سياسياً باهظاً يكلفها اقصاءها من المشهد السياسي في “اسرائيل،” ولكن هذا كان حال أغلب السياسيين الذين رضخوا للعسكر كي لا يضحّوا بحياتهم السياسية.
بعد فشل الجيش الاسرائيلي في الدخول إلى بنت جبيل وسقوط تسعة قتلى من لواء غولاني، عقدت اللجنة السباعية اجتماعها بحضور حالوتس الذي طالب المجتمعين بالمصادقة على حملة جوية تهدف لتدمير خمسمئة مبنى في بنت جبيل. شعرت ليفني بالإحباط للأسلوب الذي تتم فيه مناقشة القضايا، فظلت صامتة، إلا ان كلام بيرتس عن خشيته خسارة الدعم الدولي، وارتفاع مستوى الضغط لإيقاف القتال في حال المصادقة على هذه الضربة الجوية، جعلها تخرجث عن صمتها وفاجأت الجميع بقولها : “هذا هو املنا.. ان يوقف العالم الحرب”.