التيفوئيد يضرب الشويفات … المنطقة منكوبة بيئياً
عند سلوكك لطريق المطار باتجاه الجنوب، او وصولك لمطار بيروت الدولي لا بد لك من اغلاق النوافذ في سيارتك من شدة الروائح الكريهة، فالمنطقة تحتوي على ما يحلو لك … مكب للنفايات، مزارع معامل، نهر الغدير، مسالخ منتشرة في المنطقة بطريقة عشوائية تفوح منها روائح لا تحتمل اضيفت اليها روائح مكب الكوستابرافا وظهور “برك المجارير”، في بعض الاحياء المكتظة التي عملت البلدية على حلها.
تلك الظاهرة اصبحت عادية بالنسبة لسكان منطقة الشويفات الا ان ظهور عدد من حالات التيفوئيد دق ناقوس الخطر. فالحالات بحسب مصادر طبية في المنطقة اصبحت بالعشرات والامراض زادت عن الحد الطبيعي، واصبحت تشكل خطراً صحياً لا بد من حل لها بأسرع وقت والا فالوضع لا يحتمل.
برك مجارير
احمد حمود وهو احد سكان منطقة صحراء الشويفات اشار الى ان أحد المجارير قد انفجر في المنطقة ما تسبب برائحة كريهة لا يمكن تحملها وتسببت بالعديد من الامراض وتمّ نقل عدد من الاصابات الى المستشفيات، ليتبين في ما بعد انها مصابة بالتيفوئيد. وبحسب حمود، ان البلدية عملت على حل الوضع ولكن تأخرت بذلك، ولكن هذا الحل موقت، ففي المستقبل ستظهر بركة اخرى في احد الاحياء نظراً للضغط الكبير والعشوائية في البناء، فعدد السكان يعتبر كبيراً نظراً للمساحة الجغرافية.
د. عادل صعب من مركز الشويفات للتشخيص الطبي اشار الى ان حالات الامراض تزداد بشكل طبيعي عند فصل الصيف الا ان الامر هذه السنة زاد عن الحد المنطقي وظهرت عشرات حالات من التيفوئيد بالاضافة الى حالات تسمم واسهال شديد، فمعظم الحالات هذه السنة مصابة بفيروسات وبعدد من “الزنطارية” وهي نوع من الطفيليات.
دق ناقوس الخطر
وبحسب د.صعب ان المخيف في الموضوع انه مرافق لتواجد مكب الكوستابرافا وعدد من المجارير المكشوفة وازدياد عدد السكان ومشاكل الصرف الصحي هذا عدا عن مشكلة المشاكل نهر الغدير.
ودق د. صعب ناقوس الخطر معتبراً ان الوضع اصبح خطيراً ما لم يتم معالجته. فالمياه المستخدمة هي مياه مالحة حتى ان بعض ادوات المطبخ تجد الملح عليها جراء غسلها بمياه البحر التي تصل للبيوت، وهي تدخل الى الينابيع… ببساطة نحن امام كارثة، فالمنطقة صناعية وزراعية وسكنية بنفس الوقت ولا يوجد تنظيم والفوضى سيدة الموقف.
بلدية الشويفات
بلدية الشويفات اعتبرت عبر مسؤولها الاعلامي جاد حيدر انه لا توجد حالات من التيفوئيد كما يروج لها، وان وجدت فهي بأعداد ضئيلة جداً، مضيفاً ان مشكلة المجارير التي حصلت الاسبوع الماضي يعمل على حلها وستحل خلال يومين كأقصى حد، موضحاً أن المجارير تطوف بسبب الضغط الكبير عليها، والبلدية تجاوبت بسرعة مع الشكوى التي تقدم بها الاهالي. وفي حديث سابق لرئيس بلدية الشويفات زياد حيدر قال فيه ان كل طرف في المنطقة يلقي باللوم على الآخر، فالمواطنون يتّهمون الأحزاب والأحزاب تتهم المواطنين. كما يشير الى أن مجلس الإنماء والإعمار أعد مشروعاً ضخماً لمعالجة مشكلة الصرف الصحي لكنه يحتاج بعض الوقت لكي يكتمل.
امل وهي من سكان دوحة عرمون اشارت الى ان تزايد عدد السكان في المنطقة لم يعد مقبولاً حيث هناك تقصير واضح بالخدمات مع غياب البنى التحتية للصرف الصحي، وهناك بعض “المجارير تطوف بما فيها” ما يتسبب برائحة كريهة في المنطقة، خصوصاً مع تواجد مسالخ ومكب الكوستابرافا . واضافت انها اشترت شقة في المنطقة قبل ثلاث سنوات بما يقارب 280 الف دولار وحالياً لا يمكن العيش فيها. وفي حال قررت بيعها بالطبع سعر الشقة سينخفض. وفي حال قرر احدهم قضاء اجازة على البحر فأنك ستسبح مع الزبالة، فالمنطقة بحسب امل موبوءة بامتياز.
فقدان حاسة الشم
نبيل صعب وهو صاحب احد المعامل في العمروسية رفع الصوت عالياً جراء نهر الغدير والروائح الكريهة التي تفوح منه، مضيفاً ان الوضع على حاله منذ سنوات الا ان هذه السنة الحالة زادت عن المقبول حتى انه في كثير من الاحيان تعوّد على الرائحة وفقد حاسة الشم. قد يعتبر البعض ان كلام صعب مبالغ به ولكن زيارة واحدة للمعمل كفيلة بالتقيؤ وبصداع في الرأس طوال النهار. وبغضب يسأل عمن المسؤول عن صحته وصحة العمال.
منطقة منكوبة بيئياً
الناشط البيئي عماد القاضي اشار في حديثه لـ”البلد”ان بلدة الشويفات منطقة منكوبة بيئياً من خلال التلوث البصري ومخالفات البناء العشوائية والمسالخ ومكب النفايات والمجارير العشوائية بالاضافة الى نهر الغدير، فهدم ونفايات المصانع والمسالخ كلها تصب في نهر الغدير او البحر اما المجارير فحدث ولا حرج.
واضاف القاضي ان هناك عشرات المشاريع السكنية التي تقوم بالحفر للتخلص من الصرف الصحي كما تقوم بحفر آبار ارتوازية، وتمّ اخذ عينة في وقت سابق من المياه لاجراء الفحوصات الطبية عليها ليتبين بأنها ملوثة جراء تداخل الصرف الصحي مع المياه المستعملة. وفي نهاية المطاف يأتي احدهم ليسأل عن اسباب الامراض؟!.
د. اجود عبد الخالق شرح اسباب تفشي التيفوئيد وهو مرض وبائي تسببه جرثومة السلمونيلة التيفية (Salmonella typhi) يصيب الاعمار المختلفة ( ينتشر عادة عند الكبار اكثر من الصغار ) . ينتقل بشكل رئيسي عن طريق الماء و الاكل الملوّثين بالفضلات، وبسبب انتشار النفايات والمجارير في الاحياء والمكبات العشوائية يمكن انتشار المرض في بعض المناطق كالشويفات مثلاً. ولكن حتى هذه اللحظة لم تستقبل مستشفى جنبلاط اي حالة، وجميع الحالات هي تسمم عادي او اسهال ولكن توصيف التيفوئيد لم يحصل في المستشفى، ولكن من الممكن بعض المستشفيات الاخرى قد استقبلت بعض الحالات وابلغت وزارة الصحة بذلك.
ومن علامات وأعراض الإصابة بمرض التيفوئيد:
ارتفاع تدريجي في درجة الحرارة، الآم شديدة في البطن، والتقيؤ وغيرها من العوارض غير الطبيعية والتي تستوجب زيارة الطبيب بأسرع وقت وعدم الاهمال.
اذاً، في منطقة الشويفات يفضل البعض عدم تضخيم الامور والقول ان هناك امراضا واوبئة، فيما البعض دق ناقوس الخطر طالباً من الدولة التدخل بأسرع وقت لحل ازمة نهر الغدير وتنظيم الصرف الصحي ووضع حد للمسالخ ومكب النفايات المستحدث، الا ان لا حياة لمن تنادي.