هل دخل الميدان السوري مرحلة المعركة الشاملة؟؟
تتسارع الأحداث في الميدان السوري بشكل ملفت، ويبدو الجيش السوري وحلفاؤه ممسكين بزمام الأمور الى حد بعيد بعد سلسلة الهزائم التي تلحق بالجماعات الإرهابية على كل الجبهات، وخصوصًا على جبهات حلب سواء جبهات المدينة او الأرياف.
وقبل الدخول على خط الميدان وشرح تفاصيله وتطوراته ونتائجه، اود الإشارة الى ثلاث مسائل تؤشر الى الإتجاه الذي تسلكه الأمور:
أولًا: زيارة ديميستورا الى دمشق ولقائه بوزير الخارجية السيد وليد المعلم، وطرحه موضوع الإدارة الذاتية لأحياء حلب الشرقية كحل للمواجهة القائمة كمحاولة اخيرة على ما يبدو لإنقاذ الجماعات الإرهابية وتثبيتها كأمر واقع، وهو ما استدعى ردًّا واضحًا من الوزير المعلم يؤكد سيادة الدولة السورية على ارضها ومواطنيها ويرفض اية محاولات لفرض امر واقع يخالف الحد الأدنى من معايير ميزان القوى التي باتت تميل وبقوة لمصلحة الدولة السورية في حلب وغيرها من الجبهات، علمًا أنّ ديميستورا نفسه كان قد أبدى استعداده لمرافقة عناصر جبهة النصرة من داخل الأحياء الشرقية الى خارجها، وهو أمر يشكل فضيحة للأمم المتحدة، فكيف تصنف الأمم المتحدة النصرة كجماعة ارهابية وتعمل في الوقت نفسه على حماية هذه الجماعات تارةً عبر محاولة اخراجها وتارةً عبر تثبيتها كأمر واقع، وهذا السلوك إن دل فهو يدل على مدى المأزق الذي تعيشه الجماعات الإرهابية في حلب.
ثانيًا: التصريح الذي أدلى به احد كبار القادة والشرعي في حركة احرار الشام ايمن الهاروش، وهو أيضًا احد اعضاء تجمع اهل العلم في الشام وصاحب الفتوى التي تجيز الإستعانة بالجيش التركي الذي أقرّ ان خسارتهم لحلب باتت مسألة وقت وستُحسم لمصلحة الجيش السوري، كما اشار الى ان الجيش السوري بات متفوقًا على الجماعات مجتمعة وان المعركة يجب ان تنتقل الى جبهتي دمشق والساحل مع استخدام اسلوب مختلف وهو التخلي عن المواجهة الجبهية والإنتقال الى اسلوب التفجيرات والإغتيالات في جبهتي دمشق والساحل. هذا الكلام يعني في مكانٍ ما ادراك الهاروش اقتراب نهاية مرحلة محاربة الإرهاب والدخول في مرحلة مكافحة الإرهاب والتي تكلمنا عنها في مقالات سابقة، مدعمًا كلامه بالإشارة الى الممارسات الخاطئة “لقوى الثورة” كما سماها، واصفًا ممارسات المحاكم الأمنية والظلم في سجون واقبية الفصائل كعامل اساسي من عوامل الهزيمة.
ثالثًا: اعلان القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة في سوريا عن تشكيل الفيلق الخامس – اقتحام ودعوة السوريين للتطوع في الفيلق لإنجاز النصر النهائي، وهي الجملة التي تؤكد معرفة قيادة الجيش السوري بطبيعة اوضاع وتفاصيل الميدان، وما الدعوة الى تشكيل الفيلق الخامس الا لتسريع انجاز النصر وعدم تأخيره، وهو امر يشبه تشكيل الفيلق الرابع – اقتحام منذ سنة تقريبًا، وهو الفيلق الذي انجز العديد من المعارك الناجحة في ارياف اللاذقية وحلب بشكل اساسي.
على المستوى الميداني، نلاحظ ان الجيش السوري بادر الى تحريك جبهة اللاذقية وجبهة حرستا المرتبطة بطريق دمشق – حمص، ففي اللاذقية بادرت وحدات الجيش الى شن اطلاق عملية مفاجئة على محاور الراعي – التفاحية – تلة الخضرا – تردين – عين عيسى، وتمكنت وحدات الجيش من السيطرة على التلة الجرداء وتلة الجامع وتقاطع الرشاشات وهو تطور هام ومفصلي.
اما في محور حرستا، فالعمليات جزء لا يتجزأ من عمليات الغوطة الشرقية التي تسجل تقدمًا دائمًا للجيش السوري الذي يعتمد نمط القضم البطيء والثابت.
في الغوطة الغربية نحن على مشارف الإنتهاء من العمليات العسكرية مع اعلان مسلحي خان الشيح وزاكية رغبتهم في الإستسلام، حيث توضع اللمسات الأخيرة لمغادرة البعض منهم ودخول الباقين في تسوية يسلمون فيها اسلحتهم للجيش السوري، وهو امر سيشمل ايضًا بلدة كناكر والمقيليبة. وعند اتمام العملية ستكون الغوطة الغربية خالية بشكل كبير من الإرهاب، ليتم بعدها تفعيل ملفات الحجر الآسود وببيلا وخيم اليرموك والإنتهاء من اي تواجد ارهابي في الغوطة الغربية.
معارك مدينة حلب التي تسجل تقدمًا لمصلحة الجيش السوري وتراجعًا للجماعات الإرهابية تسير بالشكل المرسوم لها، وخصوصًا عند محور تل الزهور الذي ينطلق برأس سهم هدفه شق الأحياء الشرقية الى قسمين شمالي وجنوبي من خلال طريق مطار النيرب – حلب الرئيسي اضافة الى المحاور الأخرى التي تهدف الى شق المحور الشمالي الى قسمين، وكذلك المحور الجنوبي بالإشارة الى ان الجيش السوري بات يمتلك نقاط ارتكاز اساسية تمكنه من تحقيق اهداف العملية.
واذا ما راقبنا موقف روسيا وايران والصين المتصاعد والذي يؤكد حسم الحرب وتحقيق الإنتصار يقابله تخبط اميركي – اوروبي ازاء النتائج الميدانية وربطنا كل ذلك في الميدان، يمكننا التأكيد ان الميدان السوري سيدخل مرحلة المعركة الشاملة عبر فتح كل الجبهات والبدء باستنزاف قدرات الجماعات الإرهابية وصولًا الى إلحاق الهزيمة بها، مع ضرورة الإشارة الى ان عبئًا مضافًا في الجانب الإستخباراتي سيقع على عاتق القوى الأمنية في سوريا تحضيرًا للبدء بالتعاطي مع مرحلة مكافحة الإرهاب الذي سينكفئ الى تنفيذ اعمال عدائية كالإغتيالات والتفجيرات، وهو امر متوقع ويتم العمل على التعاطي مع احتمالاته عبر اعداد قاعدة معلومات امنية واسعة تساعد في تخفيف ومنع هكذا نوع من العمليات.