مفاجأة من العيار الثقيل , والدة كاسترو لبنانيّة وهذه قصتها
قبل أيام، رحل فيدل كاسترو، الزعيم الكوبي، الذي ملأ الدنيا وشغل الناس، عن 90 عامًا ونيّف. فهل له أصول لبنانية كما يشاع في لبنان؟ تقول “لوريان لو جور”، إن هذه القضية ليست مجرد خدعة، فربما ولد هذا الزعيم الثوري الشيوعي الكوبي لأمٍ لبنانية.
العلامة الفارقة
ففي بدايات القرن الماضي التي اتسمت بالاضطراب وبالحياة القاسية تحت الحكم العثماني، حملت واحدة من موجات الهجرة من لبنان الشابة لينا الروس، وأسرتها من طرابلس في الشمال إلى إسبانيا، ثم إلى كوبا. بحثت عن عمل فوجدته: طباخة في منزل كاسترو الأب، وانتهى بها المطاف أن تكون زوجته الثانية، فأنجبت له فيدل، الذي صار علامة فارقة في تاريخ بلاده.
إنها قصة قديمة، رواها الدكتور أنطوان قربان، فجده كان نسيبًا للينا روس. يقول: “هاجر قسم كبير من عائلتنا فعليًا في أوائل القرن الماضي إلى الأراضي الإسبانية، ومن ثم إلى دول أميركا اللاتينية والوسطى، ومنها كوبا. وصل أقرابي، أعمامي وعماتي على وجه الخصوص، إلى الأرجنتين، وحافظوا على اتصالهم بأقاربنا في كوبا، بخلافنا تمامًا. سافرت واحدة من عماتي لزيارة ابنة عمها لينا في هافانا، وهذا ما عرفته لاحقًا”.
أليخاندرو أو إسكندر
أما صحيفة “النهار” فتقول إنه من المؤكد أن والدة فيدل اسمها لينا الروس. فخلال بحث أنسبائه عن أصول كاسترو، تبين لآل الروس أن الاسم الحركي الذي اتخذه كاسترو لنفسه خلال قيادته الثورة الكوبية كان “أليخندرو”، تيمنًا بجده، والاسم يعني إسكندر. بمعنى آخر، أن جد كاسترو هو إسكندر الروس، وابنته لينا الروس هي أمه.
وبحسب الصحيفة نفسها، من آل الروس رجل يدعى إسكندر الروس، هاجر من لبنان منذ أواخر القرن التاسع عشر، وبعد أعوام، عاد ليحضر زفاف قريبه حنا الروس، زوجته أنستازيا التي كانت في الخامسة والسبعين في أوائل ستينات القرن الماضي، وكانت مقعدة بسبب العجز، وأخبرت زوارًا إعلاميين أن نسيب زوجها إسكندر أحضر معه ابنة في الثامنة من العمر، وكان اسمها لينا، وربما أنجلينا، وقالت إن القصة عتيقة جدًا، ولا تتذكر الاسم بالتحديد، استنادًا إلى تحقيق أجرته جريدة المصور.
وبحسب “لوريان لوجور”، علمت عائلة أنطوان قربان بهذه العلاقة غير متوقعة بالرئيس الكوبي بشكل غير متوقع. قال قربان: “وصل صحافيون من مجلة مصرية في الخمسينيات من القرن الماضي لمقابلة جدتي أناستازيا، وأخبروا عائلتي بأنهم كانوا في رحلة بحث عن أصول والدة فيدل كاسترو، المتحدرة من عائلة الروس الطرابلسية. تذكرت جدتي لينا الروس التي كانت تجايلها، أي إن لينا هذه ولدت في أواخر القرن التاسع عشر”. وهؤلاء الصحافيون هم الزوار الذين تكلمت عنهم صحيفة “النهار”.
فيديليتو زار لبنان
أكد قربان أن الأصول اللبنانية لكاسترو ليست موضع شك، حتى لو كتب في سيرة فيديل كاسترو أن والدته إسبانية. قال: “تفسير ذلك بسيط. ففي ذلك الوقت، كان القادمون يسجلون وفقًا للبلد الآتين منه، لا لموطنهم الأصلي، وكانت الأسرة الروس آتية من الأراضي الإسبانية. لكن الأدلة موجودة، فإلى جانب ذكريات جدتي والروابط التي يحتفظ بها الفرع الأرجنتيني من عائلتنا مع أبناء عمومتهم في كوبا، أخبر فيدل كاسترو نفسه وفدًا من الحزب الشيوعي اللبناني برئاسة أمينه العام السابق جورج حاوي (اغتيل في عام 2005) أن والدته لبنانية من طرابلس!”.
تقول “لوريان لوجور” إن أي عضو من الفرع اللبناني للأسرة لم يحاول التقرب من “أقاربه الكوبيين”. وتنسب هذا إلى قربان، وإلى النائب السابق غبريال المر، المتزوج بهدى قريبة قربان، وبالتالي قريبة الرئيس الكوبي الراحل. وبحسب المر، أتى نجل فيديليتو، نجل فيدل كاسترو، إلى لبنان قبل سبع سنوات، وتناول الغداء مع ابنه ومع أحد أبناء عمومته من عائلة روس. وذكرت جريدة المصور، وفقًا للنهار، أن المغترب اللبناني الذي نقل معلومة زواج اللبنانية لينا الروس بوالد كاسترو يؤكد أنها قصة معروفة في هافانا، وأن والد كاسترو شاهدها مع والدها منذ أربعين عامًا (من ذلك التاريخ)، فأحبها ثم تزوجها، وأنجب منها فيدل كاسترو.
خبر صغير وكبر
جان عبيد، الذي كان مرشحًا لرئاسة جمهورية لبنان، عمل في مطلع الستينيات من القرن الماضي صحافيًا في مجلة “الأسبوع العربي” في أول نشأتها. في حينه، تابع قصة تحدر كاسترو من أم لبنانية، ونشر تحقيقه “أم كاسترو لبنانية”، ينطلق فيه من خبر صغير نشره مغترب لبناني مفاده أن أم كاسترو من أصل لبناني، ومن عائلة الروس الطرابلسية تحديدًا”، بحسب تقديم للتحقيق يظهر في نسخة متوافرة عنه لدى آل الروس.
إهتم عبيد بالأمر، وأعد عنها تحقيقًا في مجلة “الأسبوع العربي”، وقال إنه يعرف عديدين من آل الروس، حيث كان يسكن في الأحياء الداخلية لطرابلس مع عائلته، ويتحدث عن التداول الكثير بالواقعة، لكنه لا يؤكد أنه وصل إلى نتيجة حاسمة في صددها.
نقل عبيد الحقائق التي وردت عن لسان أنستازيا، وينهي تحقيقه بالإعلان عن انتظار رد من السفارة الكوبية لتأكيد هذه الحقيقة أم نفيها. وتمضي الأيام، وتطوي التطورات المتسارعة الحديث عن هذه الحقيقة إلا لمامًا من بعض الصحف المحلية.
السفارة تجاهلت
إن بعض آل الروس حاول التواصل مع الحكومة الكوبية، واتصل بعضٌ آخر بالسفارة الكوبية في بيروت لإقامة صلة على قاعدة النسب، لكن السفارة تجاهلت الأمر، ولم تعره اهتمامًا، معتبرة أن الرواية لا أساس لها من الصحة، بحسب مصادر مطلعة.
بالنسبة إلى قربان، كما بالنسبة إلى عائلته، ما كانت مسألة العلاقة بكاسترو إلا مجرد رواية، فهو يشعر بتعاطف قليل مع هذا الرجل. قال لـ”لوريان لو جور”: “أراه دكتاتورًا عنيفًا قمع الحريات في بلاده. صحيح أن بعضهم يراه مفكرًا ثوريًا، إنما هو الثوري الذي سبب الكثير من الضرر”.