موقف لافت لجعجع حول المساعدة الايرانية
وصف رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى المملكة العربية السعودية ب “الممتازة وستحتوي على مضامين أبرزها المساعدة العسكرية للجيش اللبناني وعودة السياح الخليجيين الى لبنان”. ورأى “ان جلسة الحكومة الأولى ليست عاطلة أبدا كبداية الى حين انتظام الأمور كما يجب”.
واذ أكد أن “اتفاق معراب نقل البلد من مكان الى مكان آخر”، أشار الى أن “لا وجود لمؤشرات جدية لحوار ما بين حزب الله والقوات اللبنانية حتى الآن، فلا السيد حسن نصرالله ولا أنا نحب أن نتسلى”.
واعتبر “ان زيارة عون الى طهران أمر طبيعي، وفي حال تريد ايران مساعدة الدولة اللبنانية، فلم لا؟”، رافضا فكرة عودة نفوذ بشار الأسد الى لبنان وحتى الى سوريا.
كلام جعجع جاء في مقابلة مع صحيفة “القبس” الكويتية تنشر غدا الأحد، حيث قال: “ان ما يجعل الوضع مستقرا في لبنان هو إرادة القوى الأساسية في البلد، والتي لديها نضوج كبير جدا في ما يتعلق بالاستقرار”، وشدد على ان “لا وجود لدولة فعلية اذا لم يكن كل القرار الاستراتيجي في داخلها”.
وعن اعتراض وزراء النائب وليد جنبلاط على مراسيم النفط، أجاب جعجع: “لم أر ما يستدعي هذا الأمر، فأنا أسمع كثر يقولون: “لقد تقاسموا بلوكات النفط”، ولكن فليدلني أحد على الخطأ لأننا لن نقبل بأي خطأ طبعا، فالمراسيم التي أقرت شيء والتلزيمات شيء آخر تماما، لا يجب التشكيك بكل شيء”.
وأشار الى “أننا في موضوع النفط حساسون جدا ونرفض أي خطأ، ففي المرسومين اللذين أقرا في مجلس الوزراء لم نلمس أي خطأ، وإلا كنا سنكون أول من يستنفر ضدهما، ولكن هذه هي الخطوات الطبيعية للأمور”.
وعما اذا خف وزن جنبلاط السياسي بعد التحالفات الأخيرة ولاسيما أنه كان سابقا “بيضة القبان”، اعتبر جعجع ان “هذا الأمر غير صحيح بتاتا، لقد أحب جنبلاط ان يسهل الأمور حتى النهاية، سواء في انتخاب رئيس للجمهورية أو في تشكيل الحكومة لأنه يتصرف بمسؤولية”.
وعن التحالفات الجديدة في البلد، قال جعجع: “لقد تغيرت المعادلات وأصبح هناك لاعب إضافي يجلس على الطاولة، ولكن هذا لا يعني أن هذا اللاعب قد أقصى لاعبا كان موجودا، البعض رحب بهذا اللاعب الاضافي، والبعض الآخر قبله من قبل الواقعية السياسية، وجنبلاط أحد الذين تميزوا بالواقعية السياسية”.
وعن وجود أكثرية في الحكومة، قال جعجع: “نحن نشعر ان لا وجود لأكثرية وأقلية في الحكومة بكل صراحة، بل هناك مجموعة قوى لديها نظرات مختلفة للأمور، ومن الممكن أن تختلف التحالفات بين القوى حول كل موضوع يطرح على حدى”.
وعن تحييد المواضيع السيادية، قال جعجع: “ان المواضيع السيادية حاليا تحيد نفسها بنفسها، ولكن فرضا طرح موضوع مشاركة لبنان في الحرب السورية سنكون طبعا أول المعارضين وسنتخذ الموقف الذي يجب اتخاذه، وفي هذا الموضوع ستكون الأكثرية الى جانبنا، لأن أكثرية الشعب اللبناني هي أكثرية سيادية بمفهوم 14 آذار”.
وعن رأيه بزيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى السعودية، وصفها جعجع بـ”الممتازة وستحتوي على مضامين أبرزها المساعدة العسكرية للجيش اللبناني وعودة السياح الخليجيين الى لبنان”.
ورأى جعجع “ان زيارة عون الى طهران أمر طبيعي، وفي حال تريد ايران مساعدة الدولة اللبنانية فلماذا لا؟ لست ضد اي مساعدة عسكرية إيرانية للدولة اللبنانية، فإن كنا نتلقى مساعدات من السعودية ودول الخليج وفرنسا وأميركا فلماذا نرفضها من إيران؟ اللهم أن لا تكون هذه المساعدات مشروطة بأي شيء، فخلافنا الأساسي مع طهران أنها تدعم في لبنان حزبا من الأحزاب على حساب المصلحة الوطنية العليا”.
وعن كيف واكب “حزب الله” اتفاق “القوات اللبنانية” مع “التيار الوطني الحر” وكيف استقبل اتفاق معراب، أجاب: “لقد واكبوا لحظة بلحظة، ولكن المشكلة كانت حين وصلنا الى ترجمة هذه التفاهمات، فكانوا مواكبين وموافقين، ولكن في الوقت نفسه راهنوا اننا لن نصل الى نتيجة”.
ولفت الى “أن اتفاق معراب نقل البلد من مكان الى آخر، فاذا نظرنا أين كان البلد منذ ثلاثة أشهر واين أصبح اليوم نفهم أهميته، لقد كان البلد في نفق لا نهاية له واليوم صار في مكان أفضل، ونشعر أننا نقوم بشيء ما للبلد، فقد أخرجنا لبنان من وضع “صومالي” نوعا ما الى وضع قيام الدولة”.
وعما يقوله للرفاق في 14 آذار الذين انتقدوا خطوة اتفاق معراب، رأى جعجع “ان ما حصل منذ ثلاثة أشهر حتى الآن من الناحية السيادية وقيام دولة في لبنان ومبادئ 14 آذار جعل الوضع يصبح مائلا الى 14 آذار أكثر، فالوضعية قبل انتخاب عون لم تكن 14 آذارية بينما اليوم وجود رئيس جمهورية وحكومة وعمل المؤسسات هو وضع 14 آذاري، فمنطق 14 آذار لا يصح إلا في ظل وجود مؤسسات ودولة قائمة، فإذا راجعنا كل خطابات رئيس الجمهورية منذ انتخابه حتى اليوم لا يوجد فيها أي كلمة خارج منطق 14 آذار، فلو افترضنا مثلا ان لدينا رئيسا للجمهورية كالراحل نسيب لحود، فماذا كان سيفعل أكثر مما فعله الرئيس عون؟”.
ورفض جعجع فكرة عودة نفوذ بشار الأسد الى لبنان وحتى الى سوريا “وذلك لمجموعة معطيات موضوعية، كما لا يمكنني أن أتصور ما هو مستقبل سوريا، لأن اللعبة في مكان آخر منقسمة بين ايران وروسيا وتركيا من جهة ومجموعة الدول العربية المهتمة بالشأن السوري من جهة أخرى، بشار الأسد مجرد تفصيل أو ورقة تين في ظل هذه المعمعة الحاصلة، وبتقديري لا يمكن لأحد إعادة إحياء بشار الأسد، لذا أرى استمرارا للحرب في سوريا حتى إشعار آخر”.
ولم يؤيد جعجع فكرة أي تغيير للحدود في خريطة المنطقة “بل مجرد أنظمة جديدة داخل الحدود الحالية”.
وفي الشأن اللبناني، أكد رئيس القوات “ان ما يجعل الوضع مستقرا في لبنان هو إرادة القوى الأساسية في البلد، فلا وجود لمظلة دولية تحمي لبنان كما يزعم البعض، فالقوى السياسية اللبنانية لديها نضوج كبير جدا في ما يتعلق بالاستقرار”.
وشدد على ان “لا وجود لدولة فعلية اذا لم يكن كل القرار الاستراتيجي في داخلها، وهذا الأمر لا يمكن أن يتم اذا كان هناك سلاح خارج هذا القرار، وانطلاقا من هنا نحاول ايجاد مقاربة مشتركة حول موضوع السلاح مع التيار الوطني الحر، وقد كان اتفاق معراب والنقاط العشرة فيه أول حجر في هذا البناء”.
وعن مؤشرات جدية لحوار ما بين “حزب الله” و”القوات اللبنانية”، قال جعجع: “لا وجود لمؤشرات جدية عندي حتى الآن، وعلى ماذا سيقوم هذا الحوار؟ فلا السيد حسن نصرالله ولا أنا نحب أن نتسلى، فنحن ثوابتنا معروفة ولا نحب السير في السياسة الغامضة أو التقليدية، فاذا قرر حزب الله انه حان وقت قيام دولة في لبنان وحصر القرار الاستراتيجي فيها، عندها يمكن التفاهم مع حزب الله، فنحن لا يمكن ان نتفق على ثلاثية “جيش، شعب ومقاومة”، فنحن لا إشراك لدينا في هذا الأمر، فمؤسسات الدولة معروفة وبما يتعلق بالعسكر والأمن يوجد فقط الجيش والقوى والأجهزة الأمنية الأخرى”.
وعن تعاون مخابرات الجيش مع “حزب الله”، أوضح جعجع “ان القرار يبدأ من السلطة السياسية، فلم تأت سلطة الى لبنان طلبت من الجيش منع أي أحد من حمل السلاح”. واصفا ما يسمى “سرايا المقاومة” بـ”المجموعات المسلحة المتواجدة في الأحياء بين الناس”.
وردا على سؤال، أكد جعجع “ان نية هذه الحكومة هي إجراء الانتخابات النيابية المقبلة وفق قانون انتخابي جديد، والعمل الآن يحصل بين التوفيق بين مشروع قانون تيار المستقبل والقوات والحزب الاشتراكي ومشروع القانون المقدم من الرئيس نبيه بري”.
واذ لفت الى “اننا نريد قانون انتخابات يعطي القوات اللبنانية بقدر مستوى حجمها الشعبي والأمر نفسه لكل الأحزاب”، شدد جعجع على عدم وجود تمديد لمدة عام للمجلس النيابي الحالي “بل اذا احتاج القانون الجديد تحضيرات كثيرة من الممكن التفكير بتمديد تقني لبضعة أشهر ولكن ليس أبعد من أيلول”.
وعن الرسالة التي يوجهها الى الخليجيين والكويتيين، قال جعجع: “بوجود الحكومة الحالية والنوايا السياسية التي أعلنتها، وحزب الله جزء منها، وبوجود رئيس جمهورية جديد أعطى إشارة قوية وهي أن أولى زيارة خارجية يقوم بها الى السعودية، يمكنهم أن يكونوا مطمئنين، وأملي كبير جدا أن يتخذ قرار بعد زيارة الرئيس عون بالسماح للمواطنين الخليجيين بالعودة الى لبنان”.
أضاف: “أنا شخصيا لم أر يوما أي سوء من قبل القيادة الخليجية تجاه لبنان، فقادة دول الخليج يحاولون دوما مساعدة لبنان على طريقتهم ووفق ما يتيسر لهم، لذا حرام ان يتوجه اي لبناني بأي سوء الى الدول الخليجية ولاسيما السعودية انطلاقا من أنه علينا ان نحافظ على المصلحة الوطنية العليا دون الدخول في أي اعتبارات أخرى”.
واذ أمل أن تكون الحكومة المقبلة في لبنان بعد الانتخابات النيابية أفضل من الحكومة الحالية، أشار جعجع الى انه “ينتظر من وزراء القوات الكثير كما ان الناس يتوقعون منهم الكثير”، كاشفا عن دراسة مشروع واضح للبطاقة الصحية ليكون كل الشعب اللبناني مضمونا صحيا في المستقبل.
وعن الورقة التي غيرت معادلات أكثر بين ورقة تفاهم عون-حزب الله أو تفاهم عون-القوات، أجاب جعجع: “أنا أترك للأحداث أن تحكم وتجيب على هذا السؤال، فالرئيس ميشال عون يتصرف حاليا وفق ورقة التفاهم معنا وهي بداية مشجعة وتحمل آمالا كثيرة”.
وفي الختام، لم يبد جعجع أي تخوف من أي تدهور أمني أو خضات للاستقرار في لبنان إلا بعض الخروقات التي تحصل في كل مكان في العالم.