في أول حديث صحفي لها.. كيف علّقت والدة إنتحاري الكوستا؟
“ابني “ملاك” مش انتحاري ولا ارهابي.. هني ورطوا وزرعوا هونيك، بس ليش؟ لانو سني وبصلي بالجامع صار ارهابي؟ او لأنو صيداوي.. مِنُن لـ”الله”.
لم تتوقف الحجة “ام علي” عن تِرداد هذه الكلمات منذ لحظة احباط العملية الانتحارية التي كان “ابنها المُهذب” كما تسميه وتصفه بصدد تنفيذها. فـ”لطيفة البخاري”، والدة انتحاري “الكوستا” – الحمرا كما اسماها البعض وعلى الرغم من انها تعلم ان قلة قليلة من الناس قد تُصدق كلامها الا انها مُقتنعة وكُلها ثِقة بان “عُمرَ(ها)” ضحية أوقعت به جِهات مجهولة، او ربما معلومة ، اما الحقيقة نسبة اليها فلا مفر منها وسيأتي يوم وينكشف كل شيء للعلن، في الله…
“.. عُمر ما عمل جريمة، نعمل في جريمة. ما تورط، ورطوا. حدا بدو يفجر نفسوا بيشتري تياب قبل بنهار؟ طيب، بياكل، بيدفع مصاري تيساعدنا ويسيسرلنا امورنا؟ وبصلي ليلة العملية؟ كمان.. ابني ضحية والانتحاري بالصور مش عمر!”.. هكذا تنفي الوالدة المفجوعة بحرقة ما حصل مع ابنها، على الرغم من كل الوقائع المتوفرة والتي بالنسبة إلى الوالدة هي “تلفيقات”..!
تنفي لطيفة في حديثها لـ”ليبانون ديبايت” كل الاقاويل والاشاعات التي قيل انها صرحت بها وتحديداً ما يتعلق بسلوك ابنها في الفترة الاخيرة، مؤكدةً ان جميعها مُلفق والهدف منها الهاء الرأي العام وتشتيت افكاره وشل قدرتهم على تحليل الامور وفك الخيوط والقطب المخفية تِباعاً.
فحتى الساعة، لا تزال جملة التساؤلات التي دارت في فلك العملية الأمنية الأخيرة دون اجوبة شافية ومُقنعة، ما يفتح المجال امام المزيد من المعلومات والروايات المغلوطة فضلاً عن مسلسلٍ من التكهنات والسيناريوهات المُتناقضة، فمنها ما هو منطقي ويستند على وقائع ملموسة كشفتها الاجهزة الامنية ومنها ما طُرح اعلامياً – افتراضياً واثار الشكوك من جهة الرواية وضعف حبكتها التي لا تمت اصلاً للحقيقة بصلة.
الكل يُجمع، من متابعين ومضطلعين على حيثيات العملية على حلقاتٍ مفقودة لا بد من ايجادها، ربما شُركاء، وسيلة التنقل، عملية التواصل او ما شابه، هذا من جهة. اما من الجهة المُقابلة فنجد رواية مُعاكسة تمامًا لكل ما اشيع فالعائلة التي أوصدت أبواب منزلها بوجه كل وسائل الاعلام، تمكن “ليبانون ديبايت” وبعد جهد دام لساعات من الانفراد بمقابلة حصرية مع “آل عاصي” كُشف فيها الكثير الكثير.
تقول الوالدة بان الانتحاري الذي رمي ارضاً مزنراً بحزام ناسف وانتشرت صوره بسرعة البرق “ليس ابنها عمر”، جازمةً بان الصورة الوحيدة الحقيقية من بين ما سُرب اعلامياً والتي تعود له فعلاً هي التي يظهر فيها وجهه والدماء تغطيه والباقي لا يمت له بصلة، كما تكشف ان الاخير خرج من المنزل بثياب اخرى لا تشبه الصور.
ومن المُفارقات ايضاً بحسب الوالدة، البُنية الجسدية للانتحاري صاحب الحزام والتي لا تشبه عمر باي شكل من الاشكال خصوصاً انه “ضعيف” فيما الآخر تظهر عليه علامات البدانة بوضوح.
تستند العائلة في ما تقول على الصور التي جرى تناقلها على وسائل التواصل الاجتماعي وتبين لاحقاً انها لا تعود للانتحاري، وعلى الرغم من ذلك، لا تزال العائلة تبني على تلك الصور رغم ان مديرية المخابرات نفتها لـ”ليبانون ديبايت” وارسلت صور الحزام الناسف المفكك إلى كل وسائل الاعلام.
تقول العائلة ايضاً أنه يُهمس أولاً ان عمر كان تحت تأثير المُخدرات لحظتها وتحت وطأة التهديد أجبر على القيام بذلك او اقله التواجد في المكان فاقداً وعيه الطبيعي. ويحكى عن سيارة بداخلها اشخاص مجهولين الهوية تبخروا فجأةً وعن عملية تواصل قد تكون تمت مع احدى الجهات التي قامت بدورها بنقله وهو فاقد الوعي ووضع حزام ناسف على جسده وتوريطه في القضية.. لكنها لا تستطيع تأكيد ما تقول الذي يندرج ضمن خانة “الاعتقادات”.
اما ما قيل عن ان عمر من اتباع الشيخ الاسير وقد شارك في الاحدات الدامية مع الجيش والاعتصامات التي حصلت، تملك العائلة اجوبة حاسمة تؤكد فيها ان “ابنها لم يكن يوماً من انصار الأخير جل ما في الامر انه كان يصلي كغيره من ابناء صيدا في الجامع عينه”، وتشير الى ان “عمر اصيب اثناء قيامه بواجبه كمسعف ونقل مصابين لا اثناء القتال”، وهذا يتعارض مع معلومات “ليبانون ديبايت” حول أن “عمر، نشط إلى جانب الشيخ أحمد الأسير، وكان إلى جابنه بفريق الاسعاف بإرادته الشخصية.
وعلى غرار ما ذُكر عن قيامه يوم الجمعة الفائت اي قبل يوم واحد من العملية التي احبطت باستكشاف المنطقة في جولة ميدانية، تنفي العائلة صحة هذه الرواية مؤكدةً ان عمر لم يمكث خارج المنزل او حتى يخرج منه للقاء ايٍّ كان يوم الجمعة، في حين غادر يوم السبت المنزل قُرابة الساعة السابعة مساءً دون ان يستودع اي احد او يثير الشكوك والريبة.
اذاً، امور غامضة وملتبسة قد أحاطت بالأحداث منذ اللحظة الأولى، فالشقيق يسأل:” لماذا أخفي الوجه في صورة الانتحاري الذي يضع حزاماً فيما اظهرت الصورة الاخرى وجه عُمر وهو مصاب للعلن؟
ما كشفه شقيق انتحاري “الكوستا” اكثر من ذلك بكثير، فوفقاً لاقواله يتضح وجود سلسلة مفارقات، تبين انها كالتالي وفقاً لما سرده الشقيق ايضاً:
– صورة الحزام الناسف مفبركة ولا علاقة لعمر فيها
– في 3 صور: عالارض، عالزفت ووحدي مكلبش ولابس اسود، طيب اياها نصدق؟
– لوحظ اختلاف البسة عمر من صورة لاخرى والارضية التي التقطت عليها الصور المنشورة.
– قيل انه كان برفقة عمر شخصين ينتظراه في السيارة، لما لم تأخذ رقم اللوحة ونوع السيارة او يتم توقيفهم حتى الساعة.
– طيلة البال لاكثر من 15 دقيقة على انتحاري يقف على مقربة منك ما سببها؟
– تردد منذ ايام اخبار تتحدث عن اعترافات منسوبة لعمر، حسناً كيف اعترف وهو يعاني من نزيف حاد من دماغه عدا عن انه فاقداً للوعي؟
– يُسمع يومياً عن عمليات توقيف تطال انصار الاسير، لما لم يلقى القبض على المتورطين عوضاً عن لفلفة القضية والباسها لاحد افراد ال عاصي.
– ابلغنا في التحقيقات ان عمر مُراقب منذ احداث عبرا اي منذ عام 2013، فلما لم يتم توقيفه قبل ذلك؟ وكان الرد السريع:” ما بعرف ليش تاركينو”..
– قيل ان عليه مذكرات توقيف وبحث وتحري، وجميعها اخبار مغلوطة ومُغرضة.
وبعد سرد هذه المفارقات، يُطالب كل من الشقيق والوالدة في الوقت عينه الكشف على كاميرات “الكوستا” واظهار لحظة دخول عمر وجلوسه حتى حديثه مع الانسة التي تعمل في المكان، هذا ويطالبان بكشف الحقيقة كما هي بعيداً عن المحسوبيات التي تفعل فعلها.
لكن الاقاويل الواردة أعلاه تصطدم بواقعية مُناقضة تماماً، حيث أن تبني مثلاً بفرضية الصور الـ3 على ما تم تداوله على مواقع التواصل من نشطاء أي من خارج المصادر الامنية ومديرية المخابرات التي اثبتت ان الصور لا تعود للانتحاري. كذلك الامر بالنسبة للصورة التي يظهر فيها الانتحاري مبطوح ارضاً، وهذه ايضاً تظهر الوقائع انها إعتمدت على مواقع التواصل فقط ودون ان يتم تسريبها من مديرية المخابرات التي إعتمدت مصادرها صورة واحد هي تلك التي يقف عدد من العناصر فوق الانتحاري الذي لا يظهر وجهه.