متى ستندلع الحرب بين ’اسرائيل’ وحزب الله ؟
هناك جملة من التساؤلات والهواجس تتدافع لدى الكثير من المتابعين لما يجري حالياً في المحيط والاقليم، وتتمحور بأغلبها حول اتجاهين الاول هو: متى ستندلع الحرب بين “اسرائيل” وحزب الله؟ والثاني هو: هل ستندلع الحرب بين “اسرائيل” وحزب الله؟
يمكن القول ان هذا التساؤل يفرض نفسه بقوة لدى كل متابع او مراقب، او حتى معني من قريب او بعيد، ولا شك ان معطيات الفرضيتين أو السؤالين تتداخل بشكل واسع وتشترك في الكثير من الوقائع التي يمكنها ان تؤسس الى “متى ستندلع حرب” او الى “هل ستندلع الحرب”، وهذه المعطيات، ان كانت ميدانية ام ديبلوماسية ام سياسية واعلامية، يمكن تلخيصها على الشكل التالي:
بداية، لا يمكن الاستنتاج ان حزب الله يريد الحرب الآن مع “اسرائيل”، أولا، لان الاخيرة هي التي تعتدي وتلاحق الفرصة أو الظرف او الوقائع لتخلق حجة الاعتداء – بمعزل عن سياسة الغموض والسكوت وعدم الردّ او التعليق التي يتبعها حزب الله – في الوقت الذي لا يقوم هو باي اجراء او بأية عملية ممكن ان تؤدي الى اشتباك واسع وهو، حتى الان، يحترم قواعد هذا الاشتباك والتي هي معروفة بالنسبة له، في الجنوب اللبناني او في الجولان السوري المحتل، وثانياً لانه اذا كان يريد الحرب فهو يعرف كيف يوجع “اسرائيل” بما لديه من مروحة واسعة من العمليات او من طرق الرد، ويعرف جيداً اين يمكن له ان ينفذ إحداها حيث يحفظ نقاط التماس والاشتباك معها جيداً، وهو قد حدد أغلبها خلال كامل فترة المواجهة معها، وأيضا هو يعرف متى ينفذ ما يراه مناسبا لجرّها الى الحرب، متى ارادها.
من جهة اخرى، لا شك ان ما تقوم به “اسرائيل” من اعتداءات واضحة على مواقع ومراكز داخل الاراضي السورية – ان كان كما تدعي – بحجة منع حصول حزب الله على اسلحة كاسرة للتوازن، او إذا كان كما هو مرجح، لتقديم دعم مباشر وغير مباشر للارهابيين الذين يخوضون ضد سوريا وحزب الله حرباً شرسة، والذين يتراجعون حالياً في الميدان بشكل واضح، فان تلك الاعتداءات قادرة ان تشكل الشرارة المطلوبة والكافية لاندلاع الحرب، فهي تخرق السيادة السورية وتخالف القوانين الدولية من جهة، وهي ايضا و بدون شك تتسبب بخسائر ليست سهلة، على الاقل مادية في المنشآت والاسلحة والقدرات العسكرية، ولكن؟
الاعتداءات الاسرائيلية ضد سوريا قادرة ان تشكل الشرارة المطلوبة والكافية لاندلاع الحرب
هل “اسرائيل” تنفذ هذه الاعتداءات، و التي يمكن تصويرها بالموضعية والمحددة او غير الواسعة، بهدف استدراج حزب الله والجيش السوري الى الحرب؟ ألا يمكنها ان تستدرج الاثنين أو أحدهما بطريقة اكيدة من خلال توسيع هذه الاعتداءات في الشكل والمكان لتصبح مؤذية اكثر؟ إذ لا يبدو انها تتسبب بسقوط شهداء أو اصابات بشكل لافت، وحيث انها كما ذكر اعلاه، تخالف القوانين الدولية وتخرق السيادة السورية في حالتي الاعتداء المحدود او الاعتداء الواسع.
هل “اسرائيل” تنفذ هذه الاعتداءات في محاولة لكشف ما يمتلكه حزب الله عبر إثارته واستدراجه للرد، وحيث تعتبر حكماً أنه سينفذ رده بالقدرات والاسلحة الكاسرة للتوازن، والتي تفتش عليها بلهفة وبطريقة عصبية؟ والهدف لديها طبعا هو العمل على إفقاده عنصر المفاجأة التي ستخلقها هذه الاسلحة في اية مواجهة بين الاثنين.
هل “اسرائيل” تنفذ هذه الاعتداءات في محاولة لكشف ما يمتلكه حزب الله عبر إثارته واستدراجه للرد
هل “إسرائيل” تنفذ هذه الاعتداءات وبهذا الشكل “المتردد”، بهدف تنفيس الاحتقان الذي خلقته بتصعيدها عبر التركيز المتواصل اعلاميا وسياسيا على قدرات حزب الله؟ ام انها تبعث عبر هذه الاعتداءات المتنقلة والمشتتة برسائل استدراج عروض ترمي من ورائها للحصول على تعهد غير مباشر، عبر الروس او عبر غيرهم، بان حزب الله غير معني بالمواجهة معها الان، وبانه يلتزم الهدوء الذي أرسته معادلة الردع التي اشتركا معا – “اسرائيل” وحزب الله – على خلقها؟
“اسرئيل” تخشى نتائج أي حرب ضد حزب الله
استنادا للمعطيات وللتساؤلات المذكورة، وحيث ان “اسرائيل في مناوراتها المتعددة، بالاعتداء على حزب الله عبر ملاحقة اسلحته و صواريخه، كما تدعي هي، او بالتصعيد الاعلامي والتركيز على قدراته وعلى ما اكتسبه من حربه في سوريا دعما للدولة وللجيش العربي السوري، ستبقى بعيدة عن اتخاذها قرارا بشن الحرب الواسعة التي بالتأكيد تخشى نتائجها وتداعياتها وخسائرها غير الواضحة، وستبقى تفتش عن استراتيجية حزب الله في اختيار طريقة وتوقيت حربه ضدها، وبالمقابل سيبقى حزب الله جاهزا وحتى اشعار آخر، على سياسة الغموض القاتل لناحية قراره بالحرب او لناحية التزامه بمعادلة الردع، ومنخرطا بالحرب ضد الارهاب بفعالية حيث اكتشف انها شكل من اشكال مواجهة “اسرائيل”.