خالد يناشد مساعدة طفله فهل يستطيع عمر الانتظار؟
كتبت رولا حميد في صحيفة النهار اللبنانية: خرج عمر عرب من رحم أمه منذ سنة وثلاثة أشهر، لكنه لم ينده لها “اماه”، النغم الصوتي الذي يخرج من فم كل مولود جديد لحظة احتكاك الجنين بالهواء.
في الرحم، يتأمن للجنين الاوكسيجين الكافي عبر حبل المشيمة، ومتى خرج من بطن أمه، ودخل الهواء إلى أنفه وفمه، ثم رئتيه، انفتحت خياشيمه، وممرات الهواء في جهازه التنفسي، وأخرج صوتا يشبه مناداة الأم، قبل الشروع بالبكاء لفترة وجيزة كآلية ينتهي معها وضع الطفل متنفساً بصورة طبيعية.
إلا أن عمر عرب لم يصرخ لخلل غير معروف، ولم تفلح طبيبة التوليد في مساعدته في التنفس، والشهيق، ولم يكن يوجد في المستشفى التي ولد فيها طبيب أطفال، فدخل في حال من الخطر قبل وصول طبيب، فهو يحتاج إلى الأوكسيجين الذي انقطع عنه بقص حبل المشيمة، وتحرره من أمه.
والده خالد شرح عذاباته، ووالدته منذ اللحظات الأولى لولادته، وأفاد أنه في السنة والأشهر الثلاثة من قضية عمر، عرفت معاني المآسي اللبنانية، وما يختبئ في هذا البلد.
ويشرح حالة ابنه بعد أن تأخر وصول طبيب أطفال لإنقاذه، فاضطررنا لنقله إلى مستشفى فيه حاضنة زجاج (couveuse)، لكن إحدى المستشفيات الشهيرة في طرابلس رفضت إدخاله رغم الخطر المحدق بحياته، مشترطة دفع خمسة ملايين ليرة لبنانية.
“كنت أحمل مليوناً واربعمئة ألف بعد أن دفعت من المليونين اللذين ادخرتهما لتغطية نفقات ولادته، ما يقارب الأربعمئة دولار. لكن المستشفى رفض المبلغ، واصر على الخمسة ملايين، على ما روى والده خالد.
كان خالد في كل محطة من معاناة ابنه يتواصل مع مندوب وزارة الصحة، على ما ذكر، قائلا إن “المندوب كان شديد اللطافة معي في كل مرة تواصلت معه للمساعدة، لكن مساعدته كانت كلاماً بكلام”.
أسرعنا لنقله إلى مستشفى آخر لديه الحاضنة الزجاج، وقمنا بالتوسط السياسي لإدخال الطفل إلى المستشفى، وبعد جهد أدخلناه، وبقي في المستشفى لفترة طويلة، كان علينا في هذه الأثناء نقله إلى مستشفى آخر فيه طبيب رفيع التخصص بحالات مثل حالة عمر، وطلب منا أربعمئة دولار للقدوم لفحصه، وبعد جدال قبل بالمئتين وخمسين دولاراً، وبعد فحصه حذرنا من أن الطفل في حالة خطر الشلل، وان خلايا كثيرة من دماغه قد تلفت بسبب عدم توافر الأوكسيجين له”.
ويضيف خالد أنه نصح لاحقا في المستشفى بإبقائه في المنزل حيث لم يعد من ضرورة لما وصلت إليه حالته من تطور، لكن لوناً أزرق عابقاً غطى ساعديه من فوق، وكان علينا أن نعيده إلى الحاضنة في المستشفى، وتمكنا من ذلك لكن بعد جدل وضغط.
في لحظة متأخرة من علاج عمر، وصف له الأطباء ضرورة إجراء عمليات تدليك “فيزيوثيرابي” له، و”كان أمامنا إلحاقه بـ “مركز العائلة للتأهيل”، الذي يعنى بحالات الشلل بمختلف اصنافه، ومنه الشلل الرباعي الذي يتهدد حياة عمر”، مضيفاً:”نجري له العمليات الضرورية من التدليك، لتأمين الدم إلى دماغه، وتقوية أجهزته ومنها جهاز النطق، والسمع، وبقية الأجهزة بالتدريج، ويخضع عمر لخمس جلسات في الأسبوع”.
التكاليف بحد ذاتها باهظة لخالد الذي توقف عن العمل للعناية المتواصلة بابنه، وحفاظاً على حياته، ووحدها المستشفى قبضت منه ما يزيد على المليوني ليرة. إضافة إلى ذلك، فإن كل جلسة تحتاج إلى ثلاثين ألف ليرة، أي مئة دولار في الأسبوع، والمشكلة أن هذا الواقع سيستمر لمدة سنتين على الأقل، وعلى خالد تحملها، دون مساعدة من أي طرف رسمي.
يقول خالد: “تحملت الكثير لإنقاذ عمر، ورغم الصعوبات الكبيرة، نجحت إلى حد بعيد في ذلك، ونواجه صعوبات مختلفة بسبب هذا الوضع، فعلينا تغطية نفقات العلاج لمدة سنتين، وليس لنا ما نعول عليه، اللهم إلا همة المتبرعين”.
ومن المشكلات الناجمة عن وضع عمر والحاجة الملحة لمعالجته، انعكاس ذلك على والدته التي أصبحت تشعر، كما خالد، بوطأة كبيرة من المتبرعين بسبب الحاجة الكبيرة لها، ولأنه “ليس لنا ما نغطي به نفقات عمر سوى التبرعات”.
وناشد خالد كل إنساني يحب المساعدة، لمساعدته لإنقاذ ابنه، وإلا فإن عمر “سيخرج من العلاج مشلولاً، معاقاً، في الحد الأدنى من حالته، إذا لم يلق العلاج اللازم لمعالجته”.
لم يوفر خالد جهة إلا وطرق بابها، ومنها الاتحاد الدولي للإعاقة الذي أدرج حالة عمر على لوائحه بانتظار دوره، “إذا كان عمر يستطيع الانتظار”، ختم خالد كلامه بحسرة.