الكشف المبكر يُعيد السمع الى الطفل حتى في أصعب الحالات!
يُشكّل فقدان السمع الكلي والجزئي عند الأطفال تحدّياً كبيراً في عالم الطب الذي نجح في إعادة السمع عند الأطفال في حال تمّ الكشف المبكر (1-2 سنتين) عن المشكلة. طفل من 1000 يعاني مشكلة في السمع، وهي نسبة لا يُستهان بها، لكن برغم ذلك توصل الطب الى معالجة مشكلات فقدان السمع على اختلافها وتنوعها شرط التدخل السريع والفوري. فكيف يلاحظ الأهل أن طفلهم يعاني مشكلة سمع؟ ومتى يجب التدخل طبياً، وما هي أهم العلاجات؟
برأي الاختصاصي في أمراض الأنف والأذن والحنجرة والجراحة التجميلية بسام رومانوس أن “حاسة السمع عند الجنين تنمو في أحشاء أمه حتى ولادته، في بعض الدول ومنها الولايات المتحدة يخضع الطفل عند ولادته الى تخطيط للأذن للتأكد من عدم وجود مشاكل في السمع. يحرص الأطباء على إجراء هذه الفحوص باكراً لا سيما في حالات الولادة المبكرة، او عند تعرض الأم خلال الأشهر الاولى من حملها الى وعكة صحية، او عند انتكاسة الطفل عند ولادته ووضعه في العناية الفائقة أو اذا كان يعاني أحد افراد عائلته مشكلة في السمع… وجميعها أسباب مسؤولة عن مشكلة السمع عند الأطفال”.
الكشف المبكر… أول الغيث
يشدد رومانوس في حديثه “على أهمية مراقبة الطفل في سنته الأولى وعرضه على الطبيب في حال تبين للأهل عدم تجاوب أو تفاعل كلي او جزئي من طفلهم عند سماعه للأصوات والحركة. مؤشرات كثيرة تساعد الأهل لمعرفة ما اذا كان طفلهم يعاني مشكلة في السمع او فقدان سمع كلي او جزئي أهمها: عدم التفاعل عند سماع صوت امه أو من يتحدث اليه، عدم الحركة او التعبير عند سماعه موسيقى او ضجة، عدم مناغاة الطفل… وهنا من المهم ان نعرف انه كلما أسرعنا في إكتشاف المشكلة عن عمر السنة وصولاً الى السنتين، ننجح في معالجتها ومساعدة الطفل في استكمال حياته بشكل طبيعي. بينما في حال تأخرنا على كشف حالته على الطبيب (بين عمر 4 او 6 سنوات) عندها نكون قضينا على حياته المستقبلية”.
من المهم جداً في حال شعر الأهل أن هناك خطباً ما، لا سيما الأم التي لديها أطفال آخرون ان تتصرف سريعاً والأهم من كل ذلك ان لا تبرر تأخر ابنها عن الكلام على قاعدة “أن ابنها الأول تأخر ايضاً” وإدراج هذا التأخر ضمن الخانة الطبيعية.
بعدما أخطأ الأطباء في تشخيص حالته، كيف استعاد الطفل عبده سمعه؟
أسباب فقدان السمع
أما بالنسبة الى مشاكل السمع عند الأطفال حديثي الولادة وفق الاختصاصي في أمراض الاذن والحنجرة والانف فتعود الى:
* عدم اكتمال العصب السمعي في منطقة الأذن
* مشكلات خلقية تتسبب بعدم اكتمال الأذن ظاهرياً او خارجياً.
كما تتفاوت حالات ضعف السمع بين فقدان سمع كلي أو جزئي في أذن واحدة او اثنتين، ويكون ناتجاً من خلل في عضو أو أكثر من أعضاء السمع (الأذن الخارجية- الوسطى والداخلية وعصب السمع).
لذلك يضطلع الكشف المبكر بدور رئيسي في معالجة مشكلة السمع عند الطفل للحصول على النتائج المرجوة. حتى في حالة فقدان السمع الكلي عند الطفل إذا تمّ التدخل طبياً بين عمر السنة حتى السنتين يمكننا معالجتها وبالتالي إعادة السمع الى الطفل”.
وأشار الجراح التجميلي رومانوس الى ان “هناك بعض المستشفيات الكبيرة في لبنان التي تفحص الطفل على حساب نفقة الأهل للتأكد من عدم وجود مشاكل في السمع. إذ يتأثر دماغ الطفل منذ الاسابيع الاولى، وكلما تأخرنا في معالجته نكون قضينا على فرصة استعادة السمع عنده. لذلك نناشد بضرورة الإسراع في الكشف المبكر ومعالجته عن عمر لا يتخطى السنتين لضمان نتيجة فعالة”.
حلول طبية ناجعة
ويتابع بأن “الطفل الذي يعاني فقدان سمع كلي في الأذنين يمكن علاجه من خلال زرع قوقعة تُمكنه من السماع بشكل طبيعي. كما ان المشكلة الخلقية التي تبدو خارجية من خلال عدم اكتمال شكل الأذن يمكن علاجها، ليس هناك من شيء مستحيل، صحيح انها تتطلب جراحة تجميلية وطبية لكنها تعطي نتائج جيدة.
ويتابع رومانوس بالقول “هناك مشكلات أخرى من شأنها أن تؤثر في السمع لا علاقة لها بالأسباب الخلقية أو السمع العصبي وهي تتمثل بمشكل في الأذن الوسطى: وجود مياه في الأذن او التهابات داخلية، لحمية، مشكلات في الانف… لذلك يُشكّل الأهل والحضانة او المدرسة وسيطاً بين الطفل والطبيب لا سيما عند تراجع الطفل في الكلام او صعوبة النطق او خلل في التفاعل… وكلها مؤشرات تُنذر بوجود مشكلة حديثة طرأت على الطفل وجعلته يتراجع في كلامه. الوعي والتنبه قاعدتان لا مفر منهما لأي حل جذري وفاعل لإنقاذ الطفل عوض خسارته”.
أما العلاجات فتكون من خلال:
* وضع سماعة طبية خارجية (في حال ضعف السمع بنسبة 30%)
* زرع قوقعة داخل الأذن (مشكلات في السمع العصبي وضعف السمع يتخطى 40%)
* زرع شريحة (كبسون) في الأذن اذا كانت المشكلة في الأذن الوسطى (وجود مياه داخل الأذن الوسطى تُضعف السمع)
لم يعد هناك حالة يستحيل علاجها في حال كان التدخل في اول سنتين من عمر الطفل، عكس ما كان يُشاع سابقاً والخضوع للأمر الواقع من خلال اللجوء الى لغة الإشارة للتواصل معه.