قصة حقيقية | سجن زوجي لـ 18 عاماً …. انتظرته وربيت ابني وبقيت على عهدي له حتى خرج …. فتزوج فتاة عشرينية !!
كنت غضة، مفعمة بالنشاط والحيوية وحديثة عهد بالزواج، وأحمل بطفلي الأول في شهره السادس، عندما دخل زوجي السجن، حُكم عليه بالسجن لمدة ثمانية عشر عاماً.
خيرني بعد اعتقاله أن يسرحني أو أكمل الطريق معه وأنتظره حتى يخرج.. وكان هو يفضل الخيار الأول لإشفاقه عليَّ وعلى شبابي.. ولكني ومن دون تردد اخترت أن أبقى على عهدي معه، فأربي ابنه وأحفظ بيته وأُبقيه مفتوحاً انتظاراً لعودته.
ليالي طويلة من السأم والوحدة والخوف والدموع وقسوة الظروف تعاقبت عليَّ لا أدري لها عدداً.. اضطررت للعمل في مشغل لحياكة الملابس حتى لا أضطر لمد يدي لأحد، لم يرحمني من حولي، ولم يتركني المجتمع أدبر شؤوني دون كثير من التدخلات والمنغصات التي تحيل الحياة جحيماً.
أصبحت رجلاً وامرأة في آن واحد، أزوره في السجن، أوفر له احتياجاته وطلباته، وأقوم على تربية ابني ورعايته، ومتابعة كل ما يخصه.. ولم أقصر في تقديم ما أستطيعه من رعاية وعناية لوالدي زوجي، بعد سَجن زوجي وسفر ابنهما الأصغر للدراسة في الخارج وتفضيله للهجرة على العودة إلى جوار والديه.
أوقات كثيرة مرت علي نسيت خلالها بأنني امرأة حتى غدوت خشنة وصلبة كالرجال.
وجاء اليوم الموعود بعد ثمانية عشر عاماً بالتمام والكمال. عم الفرح ديارنا، وحسبت الحياة قد عادت بي إلى الوراء، فعدت عروساً مرة أخرى، مثلما تركني زوجي قبل ثمانية عشر عاماً، هي عمر ابني، وابتسمت الدنيا لي مرة أخرى بعد أن غزت التجاعيد وجهي، وهاجم الشيب رأسي.
كانت الشهور الأولى تفيض بهجة وعسلاً، شوق وشغف بعد طول غياب. وما إن مر عام حتى طفقت بعض الخلافات البسيطة تطفو على السطح، لم أستطِع أن أسميها خلافات، ولكن هي نوع من سوء التفاهم ليس إلا، كان يرافقها بعض العبوس، ثم ما تلبث المياه وتعود لمجاريها.
تطور الحال وأصبح اللوم والنقاش بصوت أخذ يرتفع تدريجياً مع مضي الوقت هو الوضع السائد، ويا ليت الحال بقي هكذا.. بل تطور أكثر وبرزت أعاصير الخلافات الهائجة.. لدرجة غاب معها التفاهم. أصبحت عصبية جداً، ومتحفزة للدفاع عن نفسي أمام السيل الجارف من الانتقادات والاتهامات التي شرع يكيلها لي زوجي بمناسبة ومن دون مناسبة وبصوت مرتفع لا أدري إن كان يقصد به إرباكي وقمعي أم إسماع الجيران: لماذا تضعين الكثير من الملح على الطعام؟ لماذا لم ترتبي الملابس حتى الآن؟ لماذا تضعين الأحذية أمام مدخل البيت؟ لماذا تركت الأطباق في حوض المطبخ دون غسل حتى الآن؟ لماذا؟ لماذا؟ ويا ويلي إن بحث عن شيء من أغراضه ولم يجده.. تقوم الدنيا حينها ولا تقعد.
لم أعد أطيق توتره الدائم، ولا انتقاداته التي لا أول لها ولا آخر، كنت أشعر بأنه يقصد إهانتي، والانتقاص من شأني.. لم أعد أحتمل أكثر من ذلك.. ثلاثة أعوم قضيتها معه بعد خروجه من السجن كنت أضغط على نفسي خلالها وأُصبِّرها.. إلى أن آثرت الانسحاب من حياته بهدوء، جمعت حاجياتي ووضعتها في حقائبي ورحلت عن البيت، لم أشأ أن أحرج ابني وأزج به في مشاكلي مع والده، فلم أخبره بشيء، بل رحلت بصمت إلى بيت أهلي.. وعدت لحياكة الملابس كما اعتدت خلال سجنه.
لم يتصل بي ليسألني، لم يبعث لاسترضائي.. ومن دون مقدمات بلغني خبر ارتباطه بفتاة في العشرينيات من عمرها.. يا إلهي! هل جُنَّ هذا الرجل؟ ثمانية عشرة عاماً من الانتظار أين ذهبت؟ هل ضرب بها عرض الحائط؟ هل نسي زياراتي الشاقة له في السجن؟ هل نسي المعاناة والإهانات التي كنت أتعرض لها في سبيل أن أزوره فأواسيه وأرفع من معنوياته وأوفر له ما أستطيع؟ أأكون قد أسأت له؟ أو أكون قد أسأت لوالديه.. أو ربما أسأت لابنه.. كيف يفعل ذلك؟ أمن أجل أطباق لم تغسل في حوض المطبخ؟ أم من أجل أحذية وضعت أمام الباب؟ أم لأجل ملابس لم أستطع طيها وكيها لانشغالي في أمور كثيرة؟ أأكون قد أخطأت في اختيار أن أنتظره؟ هل كان الأجدر بي لو تركته وتزوجت وأنشأت أسرة أخرى على أنقاض أسرته؟
أنا لست نادمة على قراري الأول، ولست نادمة على فراقه الآن.