هكذا قرَّرت الرياض مواجهة إيران !
تُجمع كل الاوساط السياسية داخلياً وخارجياً على انّ لبنان دخل، بعد إعلان الرئيس سعد الحريري استقالته من رئاسة الحكومة، في مرحلة ستشهد مواجهة “حامية الوطيس” إيرانية ـ سعودية ذات وجهين، الأول بين الرياض و”حزب الله” والثاني بين الرياض وطهران، ما أطاح تحييد لبنان عن النزاعات الإقليمية الذي كان من شروط نفاذ التسوية الرئاسية التي انقضى عليها سنة وبضعة ايام. يؤكد مطلعون على الموقف السعودي انّ القيادة السعودية ممثلة بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان قررت تولّي مواجهة إيران و”حزب الله” مباشرة في لبنان والمنطقة بالاتفاق مع الولايات المتحدة الاميركية، بعدما لمست انّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والحريري لم ينفّذا ما وعدا به من “تطبيق صارم” لسياسة “النأي بالنفس” بلبنان عن المحاور الاقليمية، ومن ضمنها وضع حد لتدخّل “حزب الله” في الحروب والازمات الاقليمية، وصولاً الى المواجهة الدائرة بينه وبين المملكة.
وهذه المواجهة، يقول هؤلاء المطلعون، ستأخذ أشكالاً مختلفة تباعاً، ويبدو انّ طلب السلطات السعودية والاماراتية والكويتية من رعاياها مغادرة لبنان هو أوّل إشكال هذه المواجهة، ويلفتون الى انّ الرياض أبلغت الى “من يعنيهم الأمر” في لبنان، انهم بعدما أثبتوا أنهم غير قادرين على وَقف “حزب الله” عند حدّه، فإنها قررت تولّي هذه المهمة بنفسها، خصوصاً بعدما لمست أنّ التسوية الرئاسية التي قبلت بها وجاءت بعون الى رئاسة الجمهورية والحريري الى رئاسة الحكومة مقرونة بتعهدات وضمانات بالنأي بلبنان على سياسة المحاور الاقليمية”، تحوّلت لمصلحة تعاظم دور “حزب الله” وايران في لبنان والمنطقة، الأمر الذي لا يمكن للمملكة وحلفائها ان يقبلوا به وسيتصدّون له بشدّة”، على حدّ قول هؤلاء نقلاً عن الأوساط السعودية المعنية.
ولذلك، لم يعد مهمّاً لدى الرياض بقاء الحكومة اللبنانية من عدمه “لأنها لم تنفّذ التعهدات والضمانات التي قطعت للمملكة قبَيل إبرام التسوية الرئاسية وبعدها خلال زيارة عون للعاصمة السعودية في أول زيارة خارجية له بعد انتخابه رئيساً للجمهورية.
وباتَ اهتمام الرياض مُنصَباً من الآن وصاعداً على مواجهة نفوذ “حزب الله” وايران في لبنان وخارجه، وذلك بالاتفاق مع إدارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب التي تحضّر حاليّاً في الكونغرس مجموعة جديدة من العقوبات على “الحزب”، وتستمر في التهديد بإلغاء الاتفاق النووي الايراني.
ويبدو انّ هذه المواجهة بدأت لحظة إعلان الحريري استقالته من الرياض، في ضوء ما سمعه من القيادة السعودية من عتب ولوم وانتقاد لعدم إيفاء السلطة اللبنانية بالتزاماتها في مجال “النأي بالنفس” ومنع تمدّد نفوذ “حزب الله” وايران في لبنان والمنطقة. وينتظر ان تبلغ ذروة ما ستتخذه الرياض وواشنطن من إجراءات ضد “حزب الله” وايران في الربيع المقبل، وستكون متنوعة ومتعددة وربما يكون بينها إجراءات عسكرية اذا اضطرّ الأمر.
ويقول هؤلاء السياسيون انه لم يعد مهمّاً إن عاد الحريري عن استقالته أم لا، وسواء كان ذلك ممكناً أم لا، او سواء أعيد تكليفه تأليف حكومة جديدة او كُلِّفت شخصية أخرى هذه المهمة، لأنه لن تكون للبنان حكومة كاملة الاوصاف السياسية والدستورية، على الاقل في المَديين المنظور والقريب، خصوصاً اذا أصرّ البعض على ان تكون ايّ حكومة جديدة خالية من “حزب الله”، وهو أمر يرفضه الحزب وحلفاؤه جملة وتفصيلاً.
ففي موضوع العلاقة بين المملكة و”حزب الله” وكيف انها تدهورت وأخذت طابع المواجهة، يقول السياسيون انفسهم انّ السعوديين لم تكن لديهم مشكلة مع “حزب الله” منذ العام 1990، وحتى في مرحلة ما بعد العام 2005 ومؤتمر الدوحة والاتفاق الذي نتج منه عام 2008. والجميع يذكر كيف انّ الرياض استقبلت في 29 كانون الاول 2007 وفداً من الحزب ضمّ نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم والوزير محمد فنيش، حيث استقبلهما يومها الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز