ضربة قاضية من المثلّث الثلاثي.. وانقلاب فرنسي أميركي
قبل استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري من الرياض يوم السبت الواقع في الرّابع من تشرين الثاني لن يكون كما قبله… وقبل مُقابلة الرئيس المُستقيل مع الاعلاميّة بولا يعقوبيان مساء الاحد 12 تشرين الثاني من دارته في المملكة العربيّة السعوديّة، سيختلف كثيراً عما بعدها… وبين القبل والبعد، أين سيكون مستقبل لبنان؟
الاحد، وفي اطلالة هي الاولى من نوعها بعد تلاوته بيان الاستقالة من الرياض، كشف الرئيس سعد الحريري أنّ “الهدف الاساسي وراء اقدامه على هذه الخطوة، يأتي في إطار احداث صدمة ايجابيّة، حتّى يعلم كلّ لبناني خطورة الوضع الذي نحن فيه”، مؤكّداً أنّه سيتحمّل المسؤوليّة ويعود الى لبنان، رابطاً موضوع إمكان تراجعه عن الاستقالة بضرورة العودة الى النأي بالنفس وتحييد لبنان عن صراعات المنطقة”.
اما الاثنين، فقد تصدّرت هذه المُقابلة عناوين الصحف ونشرات الاخبار الصباحيّة، التي ركّزت في مُجملها على فشل المُخطّط السعودي وتراجع المَمْلكة، وعودة الحريري خلال الأيّام القليلة المُقبلة الى لبنان، لعقد تسوية جديدة تُنقذ على الاقلّ الاستحقاق النيابي المُنتظر.
العميد المتقاعد الدكتور أمين حطيط، تطرّق الى حيثيّة كلمة “تراجعت”، مُعتبراً أنّ “السعوديّة لم تتراجع، ولكنّها شعرت أنّ الخطّة التي وضعتها للبنان فشلت، وأنّه بات من الضروري ايجاد مخرج يحدّ من خسارتها ويحفظ ماء وجهها بالحدّ المقبول، فلو تراجعت كما يُقال، لما كانت أعلنت ان الحريري موجود في منزله، وأجرت هذه المُقابلة، التي تعني بشكل أساسيّ البحث عن مخرج وتحديد الشّروط”.
وأشار حطيط في اتصال مع “ليبانون ديبايت”، الى أنّه يُمكن اختصار المُقابلة بأربع نقاط أساسيّة، النقطة الاولى، تؤكّد أنّ اليمن هي عقدة السعوديّة، أي بمعنى “أعطوني في اليمن، حتّى اعطيكم في لبنان”، وهذا بحدّ ذاته يشكّل نوعاً من استدراج العروض. أما النقطة الثانية، تدلّ على أنّ المملكة لا زالت مُتمسّكة بقرارها، حتّى تستمع الى الردّ، وهي الآن في مرحلة استدراج العروض بحثاً عن تسوية أو مخرج”.
وأضاف، “في النقطة الثالثة دلالة واضحة على أنّ المُقابلة كانت سعوديّة بامتياز من حيث الشكل والمضمون، سواء من خلال طريقة كلام الحريري الذي بالكاد تخرج الحروف من فمه، كما أنّ الاعلاميّة بولا يعقوبيان لم تعطِ السعوديّين ما طلبوه بدقّة، فكانت الخروقات التي قد لا تُناسب السعوديّة، وهذه علامة أخرى تسجّل في فشل الخطة السعوديّة من اتمام هدف المقابلة”.
وصولاً إلى النقطة الرابعة التي تُعتبر، وفقاً للعميد، “موجّهة الى شركاء وحلفاء السعوديّة في الخارج، من خلال محاولة اظهار الحريري بأنّه حرّ في التصرّف والكلام والتعبير والتنقّل وبالتالي، غير مُحتجز أو مُعتقل. بيد أنّ المقابلة أتت ايضاً لتؤكّد الكذب السعودي، فانقلبت بدورها على السعوديّة نفسها. من هنا فإننا كخلاصة نرى أنّ المقابلة هذه تماماً كالمخطّط السعودي أعطيا مفعولاً عكسياً للغاية والهدف الاساسيّ منهما”.
اما أسباب الفشل السعوديّ، فيُعدّدها حطيط، بـ”خطاب الامين العام لحزب اللّه السّيد حسن نصرالله في اليوم الثاني الذي تلا اعلان الحريري استقالته، والذي أحدث المفاجأة للذين كانوا ينتظرون امتعاضاً كبيراً وردّة فعل هجوميّة، لنرى في الحقيقة استيعاب لهذه الخطوة، ووصفها بالمسألة السعودية، لا بل التعاطف مع الحريري واعتباره ضحيّة.
وأضاف “هنا بدأ الفشل، ليُستكمل بزخم المثلّث الثلاثيّ على رأسه رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون ومعه رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، والسّيد نصراللّه، اذ رسم الثلاثي مثلّث برمودا في قبر الخطّة السعوديّة، لتأتي بعدها ادارة الرئيس عون للازمة واستدعاء القوى والقيادات السياسيّة وتشكيله وحدة وطنيّة غير مسبوقة”. وأشار الى الدور الخارجي في هذا الفشل، قائلاً، إن “فرنسا واميركا اعطيا السعودية مهلة أسبوع لنجاح مُخطّطها، ولما فشلت انقلبا عليها بعد حلول الأجل”.
وإذ اعتبر أنّ سلامة الحريري الشخصيّة باتت مضمونة وعودته ستكون قريباً، لفت العميد الى أنّ “هناك ثلاث سيناريوهات مُقبلة، الأوّل يتمثّل في اعتبار الحكومة قائمة بتصريف الاعمال وتعمل على اجراء الانتخابات النيابيّة، والثاني، يكمن في قبول الاستقالة، وتشكيل مجلس وزراء يكون من طبيعة حكومة الحريري، لتُكرس بالتالي الفشل السعودي. أما السيناريو الثالث، فيرتكز على تراجع الحريري عن استقالته، لكنّي استبعد هذه الخطوة، فهو ليس مضطراً الى الاقدام عليها طالما يُمكنه مُتابعة الاشهر الستّ المُتبقيّة في تصريف الاعمال وتشكيل حكومة جديدة بعد اجراء الانتخابات النيابيّة”.
ريتا الجمّال | ليبانون ديبايت