اوتوستراد الموت السريع!!!
تعدّدت الأسباب واوتوستراد الموت واحد.
تكاد البيانات الأمنية التي تصدر عن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي يوميًا لا تخلو من ذكر حادث أو أكثر على هذا الأوتوستراد، الذي يبدأ وينتهي، نزولاً وطلوعًا، وبالعكس أيضًا، بما يذكرّ جميع الذين يسلكونه بـ”نهر الموت”، الذي أرتبط إسمه بكثرة الحوادث المأسوية التي كانت تحصل بالقرب منه، فأتى اوتوستراد المتن السريع ليغطّي عليه ويسلبه لقبه، فيصبح إسمه أوتوستراد الموت السريع.
ولكي لا نفتّش كثيرًا عن اسماء ضحايا هذا الأوتوستراد، الذين يسقطون بشكل شبه يومي، نكتفي بذكر الجريمة النكراء التي ذهبت ضحيتها الدبلوماسية البيريطانية ربيكا دايكس، التي استفرد فيها أحد المجرمين وخنقها بعدما حاول الإعتداء عليها، في وصلة من هذا الأوتوستراد، الذي يفتقد لأدنى مقومات السلامة العامة، كالإضاءة المستدامة، وتسيير دوريات سيّارة تجوبه بالطول والعرض، ليلًا ونهارًا، لردع الذين يستبيحون الحرمات ولا يقيمون وزنًا للقوانين ولا يهابون السجن، ما دامت الإقامة فيه تتميز بخدمات تضاهي تلك التي تقدمها فنادق الخمسة نجوم.
أما الحادث “القاتولي”الذي تعرّض له المواطن جوزف وردة، على الأوتوستراد نفسه، سواء أكان قضاء وقدرًا، أم حادثًا مفتعلًا، فإن لعنة الموت، لألف سبب وسبب، لاحقته حتى كان مصيره في “كعب” وادٍ سحيق، بعدما تحولت سيارته إلى “كومة” من الحديد “المجعلق”، وهي تلاحق أيضًا أصحاب الحظ السيء، الذين يسلكون هذا الأوتوستراد. وقد تعود تلك الأسباب إلى فقدان الحسّ بالمسؤولية لدى المعنيين بالسلامة العامة على هذا الأوتوستراد أو غيره من طرقات لبنان، التي تحوّلت إلى مصيدة للحوادث المميتة، وكأن المواطن اللبناني على موعد دائم وشبه يومي مع آلة الموت المتنقلة على هذه الطرقات، وبالأخص على أوتوستراد المتن السريع.
مناسبة هذا الحديث أن الدنيا هذه الأيام تعيش موسم أعياد، وفيها عادة تكثر الحوادث وتتكاثر الأسباب التي تدفع بشذّاذ الآفاق إلى إرتكاب جرائمهم تحت جنح الظلام، وحتى في وضح النهار، بإعتبار أن “هيبة” الدولة أصبحت من الماضي، وأن أيام “الفرقة 16” باتت مجرد ذكرى ورواية تُحكى، وتتناقلها الأجيال للتذكير بأنه كان في الدولة اللبنانية من كان يضرب بيد من حديد ويطبّق القوانين والأنظمة على الكبير قبل الصغير.
هذا كان من زمان من أيام كانت المشانق تُعّلق وتذكّر القاتل والجرم بأن مصيره سيكون التعليق وليس أكلًا وشربًا درجة أولى في سجن أصبح السجين فيه سجّانًا، والسجّان سجينًا.
المصدر : أندريه قصاص – لبنان 24